تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فيا عجبًا كيف يعصى الإله ** أم كيف يجحده الجاحد

وفي كل شيء له آية ** تدل على أنه الواحد

أما الأمر الثاني فهو طاعة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بتصديقه فيما أخبر وطاعته فيما أمر والانتهاء عما نهى عنه وزجر.

وقد أيده الله عز وجل بالمعجزات التي يؤمن على مثلها البشر، وقد خصه بالقرآن العظيم الذي هو حجة الله البالغة وهو الآية الكبرى والمعجزة العظمى الباقية التي لا تنسخ حتى ينسخ الليل والنهار والسماوات والأرض.

وقد بعثه الله عز وجل بالشريعة الكاملة التامة الشاملة المشتملة على أسباب سعادة الخلق في دنياهم وأخراهم ومعاشهم ومعادهم ولا يقبل الله من أحد عملاً إلا إذا كان خالصًا لله موافقًا لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم.

أما الأمر الثالث فهو طاعة من ولاه الله أمر المسلمين في السر والعلن والمكره والمنشط وألا تنزع يد من طاعة.

وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رسالته المعروفة باسم السياسية الشرعية وجعل مبناها على هاتين الآيتين الكريمتين، حيث قال في صدرها: "هذه رسالة مختصرة فيها جوامع من السياسة الإلهية والآيات النبوية لا يستغني عنها الراعي والرعية اقتضاها من أوجب الله نصحه من ولاة الأمور، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه من غير وجه في صحيح مسلم وغيره: إن الله يرضى لكم ثلاثًا: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، وهذه الرسالة مبنية على آيتين في كتاب الله وهي قوله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا (58) يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا ". اه.

وقد حض رسول الله صلى الله عليه وسلم على طاعة ولي الأمر وحذر أشد التحذير من معصيته ما دام لم يأمر بمعصية الله عز وجل، واعتبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طاعة ولي الأمر من طاعة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعصيته من معصية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصى أميري فقد عصاني".

وبهذا يتأكد وجوب طاعة الأمير ما دام لم يأمرك بمعصية الله، فإن أمرك بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق تبارك وتعالى.

ولذلك روى البخاري ومسلم من حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة".

كما روى البخاري ومسلم من طريق جنادة بن أبي أمية قال: دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، قلنا: أصلحك الله، حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، قال: دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وألا ننازع الأمر أهله إلا أن ترو كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان.

كما روى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة".

كما روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك".

كما روى مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: "إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا مجدع الأطراف".

وفي لفظ: "وإن كان عبدًا حبشيًا مجدع الأطراف".

كما روى مسلم في صحيحه من حديث أم الحصين رضي الله عنه أنها سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع وهو يقول: "ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير