ويمكن أن يعلل الحديث أيضاً بحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان.
أخرجه البخاري (2/ 50)، باب صوم شعبان ح (1969)، ومسلم (2/ 810) ح (1156)، وأبو داود (2/ 813) باب كيف كان يصوم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ ح (2434) من طريق أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة -رضي الله عنها-.
ومقتضى هذا – بلا شك - أنه كان يصوم شيئاً من الأيام بعد منتصفه.
ومما ضعف به حديث العلاء أيضاً:
الأحاديث الدالة على جواز صوم يوم وإفطار يوم، بعضها في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنه -، وهي مشهورة كثيرة.
وقد أجاب بعض المصححين لحديث العلاء بأن النهي محمول على من لم يبتدئ صيامه إلا بعد النصف، أما من كان يصوم قبل النصف واستمر فلا يشمله النهي، ومنهم من حمل النهي على من يضعفه الصوم عن القيام بحق رمضان.
والظاهر – والله أعلم – هو رجحان قول الأئمة الذين حكموا عليه بالنكارة والضعف؛ لسببين:
الأول: لكونهم أعلم ممن صحّحه.
الثاني: لقوة الأدلة التي تخالفه، كحديث أبي هريرة، وعائشة، وعبد الله بن عمرو - رضي الله عنهم -، ومما يقوي هذا – أعني ضعفه – أن الإمام مسلماً – رحمه الله – كان يخرج من سلسلة العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة كثيراً، فما باله أعرض عن هذا الحديث؟! الأمر كما قال الخليلي – كما سبق نقل كلامه – إنما هو لشذوذ هذا الحديث.
وبناء عليه يقال: إن الصيام بعد النصف من شعبان لا يحرم ولا يكره، إلا إذا بقي يومان أو يوم، وليس للإنسان عادة في الصيام، فإنه ينهى عن ذلك لدلالة حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، والله –تعالى- أعلم.
وللمزيد ينظر: (شرح معاني الآثار للطحاوي 2/ 82 – 87)، و (تهذيب سنن أبي داود لابن القيم – مطبوع مع مختصر السنن للمنذري 3/ 223 –225)، و (فتح الباري 4/ 153) شرح الحديث (1914)، و (تحفة الأحوذي 3/ 296)
ـ[ماهر الفحل]ــــــــ[03 Sep 2007, 03:17 م]ـ
حَدِيْث العلاء بن عَبْد الرحمان 1، عن أبيه 2، عن أبي هُرَيْرَة، أن رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)).
أخرجه عَبْد الرزاق 3، وابن أبي شيبة4، وأحمد 4، و الدارمي5، وأبوداود 6، وابن ماجه 7، 8، والنسائي9، والطحاوي 10، وابن حبان 11، والطبراني 12، والبيهقي 13، والخطيب 14، جميعهم من هَذِهِ الطريق.
قَالَ أبو داود: ((لَمْ يجئ بِهِ غَيْر العلاء، عن أبيه)) 15.
وَقَالَ النسائي: ((لا نعلم أحداً رَوَى هَذَا الْحَدِيْث غَيْر العلاء بن عَبْد الرحمان)) 16.
وَقَالَ الترمذي: ((لا نعرفه إلا من هَذَا الوجه عَلَى هَذَا اللفظ)) 18.
وأورده الحافظ أبو الفضل بن طاهر المقدسي19في أطراف الغرائب والأفراد 20.
وَقَدْ أنكره الحفاظ من حَدِيْث العلاء بن عَبْد الرحمان:
فَقَالَ أبو داود: ((كَانَ عَبْد الرحمان - يعني: ابن مهدي 21 - لا يحدّث بِهِ. قلت لأحمد: لِمَ؟ قَالَ: لأنَّهُ كَانَ عنده أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يصل شعبان برمضان، وَقَالَ: عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم خلافه)) 22.
وَقَالَ الإمام أحمد: ((العلاء ثقة لا ينكر من حديثه إلا هَذَا)) 23.
وَقَالَ في رِوَايَة الْمَرُّوذِيِّ 24: ((سألت ابن مهدي عَنْهُ فَلَمْ يحدثني بِهِ، وَكَانَ يتوقاه. ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْد الله: هَذَا خلاف الأحاديث الَّتِيْ رويت عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم)) 25.
واستنكره ابن معين أَيْضاً 26.
وزعم السخاوي 27أن العلاء لَمْ يتفرد بِهِ وأنّ لَهُ متابعاً في روايته عن أبيه، فَقَدْ رَوَى الطبراني 28 الْحَدِيْث قائلاً: ((حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن نافع، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبيد الله ابن عَبْد الله المنكدري، حَدَّثَنِي أبي، عن أبيه، عن جده، عن عَبْد الرحمان ابن يعقوب الحرقي، عن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتصف شعبان فأفطروا)).
¥