وعن عائشة رضي الله عنها قالت (كان النبي يستحب الجوامع من الدعاء ويَدَع ما سوى ذلك) صحيح سنن أبي داوود برقم 1482.وقال عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها (عليك بجمل الدعاء وجوامعه قولي: اللهم إني أسألك من الخير كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل) الحديث .. رواه ابن ماجه والبيهقي، انظر صحيح الجامع برقم 4047.
أفلا نستحب يا أُمّةَ محمد ما كان يحبه عليه الصلاة والسلام من الجوامع؟
أفلا نعمل بوصية رسول الله لعائشة ـ وهي أحب نسائه إليه ـ بِجُمَلِ الدعاء؟
وتأمل أيها اللبيب قولها رضي الله عنها وهي تسأل الرسول عليه الصلاة والسلام فتقول: أرأيت إن وافقت ليلة القدر ماذا أقول؟ قال: قولي: اللهم إنكَ عفوٌ تُحب العفو فاعفُ عني. رواه الترمذي: صحيح الجامع4423.
وإنك لَتَعجَب عندما تسمع بعض الأئمة في قنوتهم وهم يتكلفون الوصف في الدعاء حيث يقول مثلا (اللهم ارحمنا إذا ثقل منا اللسان، وارتخت منا اليدان، وبردت منا القدمان، ودنا منا الأهل والأصحاب، وشخصت منا الأبصار، وغسلنا المغسلون، وكفننا المكفنون، وصلى علينا المصلون، وحملونا على الأعناق، وارحمنا إذا وضعونا في القبور، وأهالوا علينا التراب، وسمعنا منهم وقع الأقدام، وصرنا في بطون اللحود، ومراتع الدود، وجاءنا الملكان ... الخ) حتى جعلها موعظة يرقق بها القلوب ويزداد عجبك عندما تسمع بُكاء الناس ونشيجهم وهم يُؤَمِّنُون على هذا الدعاء، بل ويتسابقون على التبكير إلى هذا المسجد والصلاة خلف هذا الإمام، وقد تسمع من بعض الأئمة وهو يدعو على الأعداء فيقول (اللهم لاتدع لهم طائرة إلا أسقطتها، ولا سفينة إلا أغرقتها، ولا دبابة إلا نسفتها، ولا فرقاطة إلا فجرتها، ولا مدرعة إلا دمرتها، ولا .. ولا .. الخ) وكأنه يُملِي على الله كيف يفعل بالأعداء، فضلا عن أنه قد أقحم قنوت النوازل مع قنوت الوتر مع أن لكلٍ وقته وأحكامه وأدعيته التي وردت في السنَّة، فتنبه!! بينما كان يكفيه أن يقول اللهم عليك بهم أو اللهم انتقم منهم ونحو ذلك.
وانظر أيها الحبيب ماذا يقول أنس رضي الله عنه وهو يصف دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم {اللهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} متفق عليه،
وقالت اللجنة الدائمة للإفتاء: على أئمة المساجد - وفقهم الله - الاجتهاد في معرفة السنة والحرص على العمل بها في جميع الأمور فالناس بهم يقتدون وعنهم يأخذون فالحذر الحذر من مخالفة السنة غلوا أو تقصيرا، ومن ذلك الدعاء في قنوت الوتر والنوازل: فالمشروع الدعاء بجوامع الكلمات والأدعية الواردة في حال من السكون والخشوع وترك الإطالة والإطناب والمشقة على المأمومين. (المجموعة الثانية 5/ 396)
خامساً: من الإعتداء في الدعاء أيضا تلك الأدعية التي تحوي في ثناياها ألفاظاً أو جملاً محذورة أو مُوهِمَة و مخالفة للشرع بل في بعضها ما يقدح في التوحيد ويخدش في الإيمان فمن ذلك:
1ـ قول بعضهم في الدعاء (في السماء مُلكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك ... )
وقد سُئِلَت اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذه العبارة فكان الجواب:
"أما العبارة المذكورة في السؤال فتركها أولى؛ لأن فيها إيهاماً فقد يظن منها البعض تخصيص الملك بالسماء فقط، أو السلطان بالأرض فقط، وهكذا.وعظمة الله وملكه وسلطانه وقهره عام في جميع خلقه ".ا. هـ 26/ 369.
2ـ قول بعضهم (يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون، ولا يصفه الواصفون ... الخ).
¥