قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله (14/ 143) في جوابه عن حكم مثل هذا الدعاء فقال:" هذه أسجاع غير واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما ورد عنه من الأدعية ما هو خير منها من غير تكلف. والجملة الأولى: (يا من لا تراه العيون) إنْ أراد في الآخرة أو مطلقاً فخطأ مخالف لما دَلَّ عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف الصالح مِن أنَّ الله تعالى يُرَى في الآخرة، وإنْ أراد في الدنيا فإنَّ الله تعالى يُثنى عليه بالصفات الدالة على الكمال والإثبات لا بالصفات السلبية. والتفصيل في الصفات السلبية بغير ما ورد من ديدن أهل التعطيل. فعليك بالوارد، ودع عنك الجمل الشوارد. "ا. هـ.
* وقال العلامة الفوزان عن هذا الدعاء: أما ما ذُكر في السؤال؛ فلم يَرِد في كلام الله وكلام رسوله فيما أعلم؛ فلا ينبغي الدُّعاء به. وأيضًا في كلمة: (لا يصفه الواصفون)! نظرٌ ظاهرٌ؛ لأنّ الله سبحانه يُوصف بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وربما يكون هذا اللفظ منقولاً عن نفاة الصِّفات. (المنتقى1/ 49).ا. هـ.
3 - قول بعضهم (يا من أمره بين الكاف والنون).
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعين النووية ص76: وبهذه المناسبة أَوَد أن أُنبه على كلمة دارجة عند العوام حيث يقولون (يامن أمره بين الكاف والنون) وهذا غلط عظيم، والصواب: (يا من أمره بعد الكاف والنون) لأن مابين الكاف والنون ليس أمراً، فالأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكاف والنون؛ لأن الكاف المضمومة ليست أمراً والنون كذلك، لكن باجتماعهما تكون أمراً. اهـ.
4 - قول بعضهم (يا فرد يا صمد).
وقد سئل العلامة الفوزان: هل يوصف الله تعالى بالقِدَم؛ كأن يقول القائل: يا قديم! ارحمني! أو ما أشبه ذلك؟ وهل الفرد من أسماء الله تعالى؟ أفتوني مأجورين.
الجواب: ليس من أسماء الله تعالى القديم، وإنما من أسمائه الأول، وكذلك ليس من أسمائه الفرد، وإنما من أسمائه الواحد الأحد؛ فلا يجوز أن يقال: يا قديم! أو: يا فرد! ارحمني! .... الخ (المنتقى1/ 27).
وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء المجموعة الثانية 2/ 353 مانصه: هل الفرد اسم من أسماء الله تعالى؟ الجواب: أسماء الله تعالى توقيفية، و (الفرد) لم يرد في القرآن ولم يثبت في السنة، وعليه لا يسمى الله تعالى به، وإنما يخبر عنه به فقط.
5ـ قول بعضهم (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم).
قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط ص420:المهاودة: الموادعة والمصالحة والممايلة، والهوادة: اللين وما يرجى به الصلاح والرخصة.ا, هـ.
قلت: وهذه من عظيم الرزايا أن يدعو بعضهم بمثل هذا الدعاء ولا يعلم معناه لا من جهة اللغة ولا حكمه وما يترتب عليه من جهة الشرع، وهذه مصيبة البعض أن يردد أدعية لا يفقه معناها.
* وقد سئل العلامة الفوزان: ما حكم قول بعض خطباء المساجد في نهاية الخطبة: (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم). ألا يدخل في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأنه قد هاود اليهود ووادعهم، فهل هذا اعتداء في الدعاء؟
ج: نعم، (هاودهم) هذه الكلمة معناها المصالحة، هاود معناه المصالحة، واليهود يجوز الصلح معهم، إذا كان فيه مصلحة للمسلمين، يجوز الصلح معهم كما صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، وكما صالح قريشاً في الحديبية، الصلح إذا كان من مصلحة المسلمين فإن الكفار يُصالَحون لأجل مصلحة المسلمين، هذا هو الحقّ، أما كلمة (هادوهم) معناه أنّ الرسول يدخل في هذا، وسبق أني نبهت واحداً على هذه اللفظة، لكنه لم يتجنّبها هداه الله. (شريط (4) وجه (ب) من شرح الحموية 4/ 11/1424هـ).
قلت: بل ويشمل هذا الدعاء كل حُكام المسلمين الذين صالحوا اليهود قديما وحديثا، فتأمل أيها اللبيب.
6ـ ومن صور الإعتداء في الدعاء (الدعاء على عموم الكفار بالهلاك والاستئصال). ويدل لهذا:
* أولا: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يثبت أنه دعا على عموم الكفار وإنما دعا على قبائل أو أشخاص بأعيانهم، بل لما جاءه ملك الجبال وعرض عليه أن يطبق عليهم الأخشبين؟ فقال: لا، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً.
¥