وعلى يسار الممر يقوم مبنى المدرسة الطيبرسية القديمة , نسبة إلى الأمير علاء الدين طيبرس الخازندار نقيب الجيوش بمصر فى دولة الناصرمحمد بن قلاوون عام 719/ 1319 , وقد تبنى هذه المدرسة وجعلها مسجدا فى نفس الوقت , وتأنق فى بناؤها وأنفق عليها بسخاء فى الزخرفة والاتقان فكانت قطعة من الفن الاسلامى فى أحسن صورة ولكنها اتخذت عام 1896 م ملحقا لمكتبة الأزهر فضاع كثير من أعمالها الفنية.
فإذا فرغت من السير فى الممر وصلت إلى صحن الجامع الأزهر , وهو صحن فسيح تحيط بك البوائك من كل الجهات وهذا الصحن قبل الجامع القديم , ويليه بيت الصلاة الذى ينتهى بجدار القبلة القديمة ... يليه بعد ذلك زيادة عبد الرحمن كتخدا (وهومن كبار أمراء المماليك وأكبر من اهتم ببناء وتعمير مبنى الجامع الأزهر فى العصور الماضية) , فلقد قام هذا الرجل فى سنة 1167 هـ / 1753 بترميم شامل للأزهر وأضاف إليه زيادة كبيرة شمال من نصف حجم الجامع الأصلى وأقام بيت الصلاة بالقبلة والمحراب على خمسين عمودا أقيم عليها خمسون عقدا من نفس طراز عقود الجامع الأزهر الأصلية.
وأنشأ فى جدار القبلة الجديد محرابا بديعا وأقام قبة جميلة فوق بلاطة المحراب , وصنع لهذه الزيادة منبرا بديع الصنع , وأقام بجوار المحراب محرابا صغيرا يسمى بمحراب الدردير , وبهذه الزيادة أصبح الأزهر من أكبر المساجد فى مصر كما أنشأ شمال هذه الزيادة مبنى واسعا له باب كبير يؤدى إلى حارة كتانة ويسمى باب الصعايدة حاليا وهو باب فخم وجميل وأقام بأعلاه غرفة تقوم على أعمدة رخامية خصصها لتحفيظ الصبية القرآن الكريم وداخل الرحبة أقام ضريحه وصهريجا وسبيل للمياه العذبة , وأنشأ إلى جانب باب الصعايدة كما أنشأ باب المزينين وهو الباب الرئيسى للأزهر فالأزهر اليوم له خمس مآذن مختلفة الطراز لأنها بنيت فى عصور متفاوتة منها اثنان لعبد الرحمن كتخدا , وواحدة تنسب للسلطان قايتباى وواحدة تنسب للسلطان الغورى , ومئذنة قايتباى هى التى تميز الأزهر لأنها ذات جوسقين وعمامتين وهى أكبر مآذن الأزهر وهناك ستة محاريب جمع محارب.
أقدمها محراب أيوان القبلة القديمة عند جدار المسجد الأول وهذه المحاريب تتفاوت فى الجمال والاتقان ...
وللأزهر أيضا ثلاث قبات أجملها وأكبرها تلك التى تقوم فوق المدرسة الجوهرية الملحق بالأزهر لأنها تقوم على رقبة ذات شماسات ثم عقود مدببة مزينة من الخارج بنقوش عربية غاية فى الجمال. وهناك على يمين الأزهر أروقة مختلفة وهى عبارة عن الشئون الإدارية لطلاب الأزهر وسنتحدث عنها عند الحديث عن التعليم فى الأزهر ويزين الجامع الأزهر 380 عمودا , ويتميز شكل صحنه باحتفاظه بالشكل المربع الذى أقيم عليه حتى الآن.
تطور التعليم الأزهرى
بدأ الأزهر منذ اليوم الأول لإنشائه , تعليم الناس , فبدأ تعليم وتدريس المذهب الفاطمى فى الفقه وتعاليم الشيعة فى الدين والفلسفة والتوحيد وجلب للأزهر للتدريس فيه فطاحل العلماء فى ذلك العصر , وأجزل لهم العطاء , وبنى لهم منازل فخمة ألحقت بالأزهر , وأخذوا يدرسون ويتفقهون فى مذاهب الفاطميين وتعاليمهم , مما جعل للأزهر صيتا فى أفاق العالم الاسلامى.
وكان أول كتاب قرىء فى الأزهر هو كتاب الاقتصاد فى فقه آل البيت لأبى حنيفة النعمان ابن عبد الله قاضى المعز , وظل الجامع الأزهر يقيم حلقات للدروس يلقيها بنو النعمان حتى سنة 369 هـ , عندها بدأت تتحول الدراسة الى دراسة منظمة ومستقرة , حيث قام يعقوب بن كلس بتأليف كتابا فى الفقه الفاطمى وهو الرسالة الوزيرية فى الفقة الشيعى وكان يقوم بقراءاته على الناس بانتظام كل يوم جمعة.
ثم تم فى عام 378 هـ تعيين 37 فقيها وعالما بالأزهر وأنشأ لهم دارا للسكن بوار الأزهر , وفى عام 380 هـ تم تنظيم العملية التعليمية وقبول أول دفعة بالأزهر وعندما تخرجت تم تعيينها للتدريس به , وكان هناك مجلسا خاص بالنساء فى الأزهر.
¥