تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن كثيرًا من الناس تغرهم المناصب و الرتب، و تخدعهم الألقاب العلمية الضخمة، و ما كان شيء من هذا ميزانًا صحيحًا للعلم، و لقد نقدت كثيرًا من أمثال هؤلاء، فتعاظموا و استكبروا، فمنهم من أنف أن برد عليَّ، و منهم من سلط بعض أذنابه يشتمني، فما عبأت بهذا و لا بهذا، لا استكبارًا، و لا تعاظمًا، و لا لأني طالب علم ورائد حقيقة، و لكن لأني لم أضع نفسي في موازينهم قط.

و مثال آخر من أروع الأمثلة في آداب المتقدمين من الأئمة:

هذا ابن حزم الإمام العظيم، و كل من سمع به يعرف قسوة قلمه، و بديع نقده، و طريف تشنيعه إذا ما بدا له أن يشنع على خصم، بحث بحثا فقهيا في " المحلى " ليس من مجال القول هنا أن نفصله، فذكر فيه (6:66 - 74) مسألة استدل فيها العلماء بحديث رواه ابن وهب عن جرير بن حازم عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة و الحارث الأعور عن علي. ثم رد صحة الحديث بأن جرير بن حازم قرن في الإسناد بين عاصم بن ضمرة، و هو ثقة، و بين الحارث الأعور، و هو كذاب، و قال (ص70): و كثير من الشيوخ يجوز عليهم مثل هذا، و هو أن الحارث أسنده، و عاصم لم يسنده، فجمعهما جرير، و أدخل حديث أحدهما في الآخر ". و غلا ابن حزم غلةًّا شديدًا بعد ذلك، فقال:

هو حديث هالك، و لو أن جريرًا أسنده عن عاصم وحده، لأخذنا به".

و ابن حزم كان يؤلف قبل عصر المطبعة، و كتابه في يده، فكان مستطيعًا إذا شاء أن يعرض عما كتبه كله في هذه المسألة الطويلة، و يستانف كتابتها على النحو الذي يريده بعد أن تغير اجتهاده و تغير رأيه. و لكنه أبى إلا أن يبقى ما كتب على ماكتب، ثم يرد على نفسه، على طريقته و بقوته، فيقول في آخر المسألة (ص74): " ثم استدركنا فرأينا أن حديث جرير بن حازم مسند صحيح لا يجوز خلافه، و أن الاعتلال فيه بأن عاصم بن ضمرة أو أبا إسحاق أو جريرًا خلط إسناد الحارث بإرسال عاصم ـ هو الظن الباطل الذي لا يجوز. و ما علينا من مشاركة الحارث لعاصم، و لا لإرسال من أرسله، و لا لشك زهير فيه شيء. و جرير ثقة، فالأخذ بما أسنده لازم"

و هذا الجزء من " المحلَّى " طبع منذ أكثر من عشرين سنة، سنة (1349 هجرية) بتحقيقي: و قد كتبت فيه تعليقًا على صنيع ابن حزم هذا، ما نصه: " لله در أبي محمد بن حزم: رأى خطأه فسارع إلى تداركه، و حكم بأنه الظن الباطل الذي لا يجوز. و هذا شأن المنصفين من أتباع السنة الكريمة و أنصار الحق، و هم الهداة القادة. و قليل ما هم ".

و أظن في هذا مقنعًا لمن أراد أن يقنع أو يهتدي.]] [3]

ـ[أحمد بن موسى]ــــــــ[19 Jan 2008, 03:11 م]ـ

عجيب أمر هذا المقال

وفي هذا الوقت بالذات

ولن يعرف مصدر هذا العجب

إلا الدكتور عبد الفتاح خضر سلمه الله

وذلك إذا راجع البريد الخاص به من كاتب هذه المشاركة

ودمت لمحبك

ـ[أبو المهند]ــــــــ[20 Jan 2008, 12:58 م]ـ

راجعت البريد فوجدت فعلا رسالة تتحدث عن الأديب العلامة السيد صقر، وللعلم هو قدر الله وحده الذي ساق على يدي هذا المقال، ولعل فيه فائدة لسعادتكم، هذا تفسيري لعجبكم، وإن كان يحمل محملا آخر أنتم أعلم به مني فلتتفضل برسالة لي تشرحه وكليِّ آذان صاغية.

ـ[يسري خضر]ــــــــ[30 Mar 2008, 10:44 م]ـ

جزاك الله خيرا يا أباعمر علي حسن اختيارك، وصدق من قال: اختيار الانسان قطعة من عقله، فما أحوجنا الي هذه الأخلاق

ـ[محمد عادل عقل]ــــــــ[24 Nov 2010, 01:37 م]ـ

استاذي الفاضل أبا المهند

ما اجمل التواضع عندما يكون من العلماء وفيهم

وما اروع تلك الصورة التي رسمها المقال عن اخلاق الرجال الرجال

شكر الله لك هذه القطفة اللذيذة ... وثمرك دائما طيب المذاق

ننتظرك في الملتقى لتتحفنا بدررك

فلا تغب عنا طويلا ...

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير