تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Feb 2008, 11:39 م]ـ

أيها الأخ الأديب، والشاب النبيل! قد أسعدني ما قرأته لك في هذه المقالة وفي غيرها من أفانين الأدب، وضروب البيان، وإني لأحسبك بإذن الله من أدباء الزمان وخلاصة الإخوان، وإن الناظر النبيه في أمثال كتب الثعالبي وأبي حيان التوحيدي والجاحظ وابن الأثير - وهم أئمة البيان في تراثنا - سوف تجزل عبارته، وتتهذب ألفاظه، وتفخم معانيه. وقد أعرض كثير ممن يتسمون بسيماء الأدب عن هذه الكتب، وقنعوا بملاحق الصحف الأدبية، فانحدرت أساليبهم، وشحب بيانهم، وأصبح الواحد منهم لا يكاد يبين عن مراده إلا بمشقة تلحقه وتلحق القارئ على حد سواء، وأصبحت قواميسهم ضيقة غاية الضيق إلا من عبارات معدودات يعرف بها بين الكتاب.

وقد ذكرتني بمقالك هذا كتاب (يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر) فقد كنت قرأتُ اسمه قديماً وأنا لا أزال في المرحلة المتوسطة فأعبجني سجع عنوانه، وإن لم أدر عن ما فيه شيئاً، حتى كان عام 1410هـ وقد التحقت بكلية الشريعة وجدته في مكتبة الكلية المركزية حينها، فأخذتُ في قراءته ووقع مني أحسن موقع حينها، وتنقلتُ بين تراجمه لأدباء نيسابور وإقليم الجبال وما حولها في بلاد فارس في القرن الرابع الهجري الذي كان من أحفل القرون بالشعراء فاستمتعتُ بها وحفظت منها، وتخيرتُ منه حينها مقطعات لا تزال من أنفس ما أحتفظ به من المقطوعات الأدبية البديعة، فسقى الله تلك الأيام ورحم الله الثعالبي فقد كان من المجودين للتصنيف حتى انفرد بالتصنيف في موضوعات لم يشاركه فيها غيره، وإن كان أسلوب السجع المتكلف قد غلب عليه في مؤلفاته مما قد يزهد فيها من لا يطرب لها.

وأختم بتكرار شكرك يا أحمدُ، وثنَّها بمقالة مثلها فإنَّ لها أخوات، وأرجو أن تتعاهد أنت ومعشر الزملاء الأدباء الملتقى المفتوح بمثل هذه المقالات التي تبعث على النشاط وتدفع الملل فقد جفت القريحة لكثرة ممارسة مسائل العلم، ومكابدة الحياة حتى لا تكاد ترتاح لعبارة أدبية معبرة، أو قصيدة شعرية محلقة، وإن للأدب لأحاديث.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير