الحادي عشر: إن التمثيل الديني (البدعي) لا أظن وجود قائل يفتي بمزاولته في بيتٍ من بيوت الله، كصحن المسجد الحرام، وأروقة المسجد النبوي الشريف، وهكذا في سائر المساجد. وهذه حلق التدريس والوعظ تعقد في المساجد كابراً عن كابر إلى يومنا هذا، والتمثيل في نظر المجيز (درس هادف) ومُستحب ومرغوب فيه، فهل يقول عاقل سليم الفطرة بعقدها في رحاب المساجد؟
اللهم لا، وإن فطرة المسلمين تأبى هذا، ولا عبرة بمن مالت به الأهواء فتردّى.
توجيه تحريمه لموضوعه وما يفضي إليه:
ثم اعلم أن قاعدة الشريعة:
أن الشيئ إذا كان في أصله مباح ثم احتوى على محرم أو أفضى إليه أنه يكون حراماً.
وهكذا التمثيل، إذا قيل أنه في الأصل يلتحق باللهو المباح ثم خالطه محرم أو أفضى إليه فإنه يكون حراماً: أداءاً، وعرضاً، ومشاهدة، طرداً لقاعدة الشريعة المذكورة.
ومن هذه الفعلات المحرمة، والأقوال المنكرة، والنتائج المؤلمة، التي قد يشتمل التمثيل على واحدة منها فأكثر، ما يلي:
1 - أن يحوي القيام بفعل أو قول عن الله سبحانه وتعالى وتقدس عن أن يشبهه شيئ.
2 - أن يكون فيه القيام بدور عن أحد من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام.
3 - أو عن أحد من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخلفاء الراشدين وزوجاته أمهات المؤمنين - رضي الله عن الجميع.
4 - أو عن معيّن من المسلمين حيّ أو ميّت.
5 - أو مسلم يقوم بدور شيطان، أو كافر بالله تعالى.
6 - أو عكسه من كافر يقوم بدور مسلم.
7 - أو مسلم عن حيوان.
8 - أو رجل يمثل إمرأة أو عكسه.
9 - أو محاكاة معّين على سبيل الإضحاك، أو السخرية، أو الإيذاء، أو محاكاة مجرّدة.
10 - أو تبني غير الرشدة.
11 - أو يكون التمثيل مركباُ من رجال ونساء، وما وراء ذلك من خلوة، واختلاط، ومصافحة، وسفر بلا محرم.
12 - عرض دور ولدان ٍ شباب مرد حسان.
13 - كشف عورة مغلظة او غير مغلظة من رجل، أو إمرأة.
14 - إشتماله على المعازف، والغناء المحرم، والرقص من نساء ورجال.
15 - إشتماله على التصوير.
16 - التزيي بزي يُسخر منه، كاللحي المصطنعة ووصل الشعر.
17 - القيام بأفعال فيها رعونة، وسخرية، وخرم مروءة.
18 - إشتماله على قول ٍ محرم ٍ من السباب، والشتم، واللغو، والقذف، والغزل ..
19 - إحتواءه على الكذب، والاختلاق، أو في فرع منها مثل دعوى الزواج، والهزل بالطلاق ..
20 - قيامها على اختلاق أسطورة مكذوبة في مشوار طويل من الكذب والوهم.
21 - إشتماله على تعظيم شعائر الكفر كالمعابد الكنسية والوثنية، وبيوت النار.
22 - إشتماله على مواقف الشعوذة، والدجل، كالوقوع في النار وتحت الأثقال ...
23 - نشر أخلاق وعادات الكافرين، والمبتدعة، والفاسقين.
24 - الخوض، واللعب، والإستهزاء، وأي من الهزل في أي من أحكام دين الله وشرعه.
25 - إشتماله على أي ناقض للعبادة من الخوف، والرجاء، والحب، والبغض، والولاء، والبراء ..
26 - تمثيل قصص وحكايات عن أشخاص لا تصح عنهم، فهي قلب لحقائق التاريخ وتشويه له.
27 - إفضاؤه إلى نشر رذيلة، أو إشاعة فساد ومنكر.
28 - نشر الرعب، والخوف، والقنوط، واليأس.
29 - إلحاق الأذى بالشخص الممثل عيناً، في لباس، أو نطق، أو شعور مصطنعة، أو هيئة معينة، مثل العلماء، والزهاد، والفرسان ..
30 - إثارة الشبهات، والشهوات.
31 - إنه مخطط رهيب لتخدير الأمة، وتكوين جيل ساذج تافه، بُسام كما ُتسام بهيمة الأنعام.
وهكذا في عدد من هتك الحرمات، وما يفضي إليه من المحرمات، وبه يظهر: أن التمثيل قد يجمع أسباب التحريم الثلاثة:
1 - لذاته.
2 - ولموضوعه.
3 - ولما يفضي إليه.
وإنه لا تنفك الحرمة عنه، إن حالاً أو مالاً.
وفي الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
(الأشَرَة ُ شَرٌّ)
والأشَرَة: العبث
شبهة المجيزين والجواب عنها
لا أعلم قائلاً بجواز (التمثيل) مطلقاً، ومن أجازه حفه بشروط وضوابط، وفي هذه الحال فللمجيز جوازاً مقيداً بشروط: شبَه أفضت به إلى القول بالجواز بشروطه.
يمكن تصنيفها على ما يلي:
1 - التمثيل ترفيه بريئ، ولهو مُباح.
¥