سابعاً: التمثيل بنوعيه: الديني والترفيهي، ردة فعل لدى المنهزمين من المسلمين، لمحاكاة ما لدى الأمم الكافرة من أساطير و (إلياذات) وهمية، منسوجة يهرع إليها الناس.
فلدى (اليونان): (إلياذة هوميروس) وهي مطبوعة في مجلدين.
ولديهم (التراجيديا اليونانية) التي اختلقها (أيسكولوس) ولدى الرومان أساطيرهم ونسجهم.
ثم يأتي المنهزمون من المسلمين فيلتقطوا من موائد هؤلاء ومن غيرهم، فيهيمون في التمثيل الترفيهي إلى حد بلغ القضاء المبرم على سمة المسلم، ووقته، وقواه، وتفكيره.
وعندئذ يأتي اختلاق (ألف ليلة وليلة) و (سيرة عنترة) و (البطال) و (السيد البطل).
وعلى غرارها في (العصر الحاضر): الإستدلال من سيرة الأبطال، ومضاعفتها بالكذب والأوهام، كما في قصة (وضاح) و (عبيد بن الأبرش)، وغيرهما من أحاديث العرب وأخبارها في جاهلية وإسلام.
وفي (التمثيل الديني) يأتي التسلق إلى تمثيل أنبياء الله ورسله، والصحابة من المهاجرين والأنصار، وإلى عظماء الإسلام كافة.
وكان من أبشع ما رأى الراؤون ما عمله ذاك الشقي طه حسين في كتابه (على هامش السيرة): إنه ليس في حقيقتها، ولكن على هامشها بالاختلاق للتسلية.
إنها محاكاة دينية لإلياذة اليونان، وأساطير الرومان.
فجعل هذا العابث: سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مسرحاً للأساطير والكذب، وإدخال الباطل، وسل الصحيح. واختراع ما يسيئ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى جميع المسلمين.
فانظر إلى هذا العنوان الأثيم (على هامش السيرة)، وإلى ما احتوته من الاختلاق العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ثامناً: ولما نشأت ظاهرة (القصص الكاذب) في عهد أمير المؤمنين عمر -
رضي الله عنه - بغية الوعظ والتذكير، منع ذلك عمر - رضي الله عنه - وشدّد
النكير على القصاص والمذكرين.
وقد توالت كلمة العلماء على إنكار ذلك، وأنه دجل وتلاعب بالعقول، وكذب مختلق لا يجوز، وتشويه لصورة الإسلام وشيوع للموضوعات والمختلقات.
وإنه وإن ظهر بمظهر الوعظ وإيقاظ النفوس، فهو مرض شهوة، حب المال، والجاه، والظهور.
وقد أغنانا الله بقرآن يُتلى، فيه أنواع القصص والعبر، بل فيه أحسن القصص.
وقد ألف العلماء في الإنكار عليهم - أي الوضاعين - تآليف مفردة لشدة خطرهم، وعظيم ضررهم.
واليوم: يعود الكذب بمسلاخ آخر (التمثيل)، فبالأمس (الحديث الموضوع) واليوم (التمثيل المكذوب) كلا ً أو بعضاً، وجعله قربة يحبب الإسلام إلى النفوس؟
ألا إنها السنن المرفوضة فاحذروا.
تاسعاً: التمثيل (محاكاة)، والمحاكاة خاصية (القردة) من الحيوانات، والمسلم منهي عن التشبه بالحيوانات، والله تعالى يقول:} وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ {…الإسراء/ 70.
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح 7/ 160):
(ومن خصاله أي القرد: أنه يُضحك، ويُطرب، ويحكي ما رآه) انتهى.
فهلا نترفع بالمسلمين فضلاً عن آدميتهم، عن هذا المستوى.
عاشراً: أجمع القائلون بالجواز المقيد، على تحريمه في حق أنبياء الله ورسله - عليهم والصلاة والسلام - وعلى تحريمه في حق أمهات المؤمنين زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم، وولده - عليهم السلام - وفي حق الخلفاء الراشدين - رضي الله عنهم - فنسأل المجيز مقيداً والرسول صلى الله عليه وسلم قد قال:) كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه) وهو الذي حرم - صلى الله عليه وسلم - المحاكاة، وحرّم الكذب، فلماذا نهدر هذه الحرمات في حق بقية سلف هذه الأمة وصالحها، وفيهم العشرة المبشرون بالجنة، وأعمام النبي صلى الله عليه وسلم، ولحمة قريش وسداها - ممن أسلموا - هم عشيرته وقراباته - صلى الله عليه وسلم -، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قد اوصى بعترته " أهل بيته " وهكذا في كوكبة الصحابة - رضي الله عنهم - والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أقول:
اللهم إني أبرأ إليك من إهدار حرمات المسلمين أو النيل منهم.
¥