تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

و "المروة حجارة بيض برّاقة صلاب" (لسان العرب 15/ 275 مادة "مرا" وتاج العروس 39/ 520 مادة "مرو").

وأما المروة المرادة بالخطاب في قول الله عز وجل:"إن الصفا والمروة من شعائر الله" فهي كما قال ابن منظور في كتابه لسان العرب:"جبل مكة شرفها الله تعالى" (لسان العرب 15/ 276) وقال الفيزوز ابادي في القاموس المحيط، والزبيدي في شرحه تاج العروس:"المروة بهاءٍ: جبل بمكة يذكر مع الصفا، وقد ذكرهما الله تعالى في كتابه العزيز: إن الصفا والمروة من شعائر الله" ثم قال الزبيدي – أيضاً- قال الأصمعي: سمي (أي الجبل) لكون حجارته بيضاء براقة" (تاج العروس 39/ 521).

وقال الفيومي في المصباح المنير:"المرو الحجارة البيض، الواحدة مروة، وسمي بالواحدة الجبل المعروف بمكة" (المصباح المنير 2/ 235).

وكل هذا ينص صراحة على أن المقصود بالمروة في هذه الآية الكريمة جبل بعينه بمكة، وليس حجراً ولا موضعاً صغيراً في جبل يُقصر الحكم عليه دون غيره من بقية الجبل المقصود بالخطاب مواجهاً لجبل الصفا.

وزيادة في البيان والإيضاح أقول: سبق آنفاً أن ذكرت أن كلاً من الأزهري وابن منظور وابن الأثير وأبي حفص الحنبلي والقرطبي، وعرام قد سموا المروة جبلاً بمكة وأنه يذكر مع الصفا، وأنهما المقصودان بالخطاب في هذه الآية الكريمة "إن الصفا والمروة من شعائر الله".

وكذلك سماها جبلاً كل من الآلوسي في كتابه بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب فقال:"وأما المروة فجبل بمكة يعطف على الصفا يميل إلى الحمرة" (بلوغ الأرب 1/ 239)، وكذلك سماها جبلاً ابن سيده في المحكم (المحكم لابن سيده 10/ 336)، والبكري في معجم ما استعجم (معجم ما استعجم للبكري 4/ 1217) والحموي في معجم البلدان فقال:"الصفا والمروة وهما جبلان بين بطحاء مكة والمسجد الحرام" (معجم البلدان 3/ 411).

وكل هذا أيضاً يدل صراحة على أن المروة جبل قائم بذاته وصفاته ممتد الجوانب واسع الواجهة المقابلة من الشمال لجبل الصفا، وامتداده إلى منعطفه نحو الوادي المواجه من الشمال الشرقي لبطن المسعى.

كما يدل على هذا بقوة قول قصي الجد الرابع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يمتدح ويفخر ويُظهر بسط سلطانه على أرض المروة وما جاورها من أراض حيث يقول (السيرة النبوية لابن هشام 1/ 135):

لي البطحاء قد علمت معد ... ومروتها رضيت بها رضيت

إذ من المعلوم أنه كان يعني بقوله هذا "جبل المروة" وكل امتداداته وما حوله من الأرض التي هي محل للرغبة في التملك والسكن والسيادة التي يفخر بمثلها مثله، ولا يقصد بحال من الأحوال ذات المروة التي هي الحجر الأبيض، لوجود هذا النوع من الحجر وتوفره في كل موضع من السهل والجبل.

وهو على هذا المعنى الأخير لا يُفخر بتملكه ولا بحيازته، إذ ليس فيه مطمع لأحد ولا حاجة له به.

ويؤيد ما أقول من اتساع جبل المروة في تكوينه الطبيعي الكبير الممتد شرقاً وغرباً عما هو عليه الآن إذ قد أزيلت معالمه الشرقية، وقطعت متونه وأكتافه وامتداداته العضوية التي خُلق عليها في التوسعة للحجاج والمعتمرين والقاطنين عام 1375هـ.

أقول يؤيد قولي هذا ما رواه الأزرقي في موضعين من تاريخه (أخبار مكة) بسنده من طريق علقمة بن نضلة قال:"وقف أبو سفيان بن حرب على ردم الحدائين فضرب برجله فقال:"سنام الأرض إن لها سناماً، يزعم ابن فرقد أني لا أعرف حقي من حقه، له سواد المروة، ولي بياضها، ولي ما بين مقامي هذا إلى تجنى" (أخبار مكة للأزرقي 2/ 165،237 وتجنى ثنية قريب الطائف)، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: إن أبا سفيان لقديم الظلم، ليس لأحد حق إلا ما أحاطت عليه جدراته" (نفس المصدر، وانظر العقد الفريد 4/ 272).

وسواد المروة هو ما امتدت إليه مساحة المروة السوداء، ووصل إليه عرضها من ناحيتها الغربية من طرف جبل المروة الغربي المواجه من الشمال اليوم لباب الفتح.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير