تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أي أن هناك ثلاث خطط يتعامل بها مع نص الحديث، أولاً: التشكيك بصحة الحديث بشكل ضبابي (إن صح!)، وهو لا يخبرنا عن معايير للتصحيح أو التضعيف، والحديث صحيح بكل الأحوال (رواه البخاري)، ثم ثانياً يقول: «على فرض أنه ملزم في غير عصره وبيئته» -أي أن «تاريخية النص» جاهزة دوماً للإجهاز على النص- ثم ثالثاً: «ليس فيه تحريم لغير الطريقة التي صلى بها» أي أن هذا يساوي -في النهاية- بين أنواع الصلوات وهيئاتها كلها .. ويسجل الشرفي «أن عدم تنصيص القرآن على عدد الصلوات وعلى كيفيات أدائها مقصود، ولم يترك بيانه عبثاً» (ص50) من أجل الدخول إلى المرونة المزعومة، التي تنسف الكيفيات والعدد والهيئات .. لكن ماذا لو كان هناك تنصيص قرآني على ذلك؟ هل كان ذلك سيجعله يرضخ له، أم أنه كان سيلقي الأمر على كاهل تاريخية النص واختلاف الإيقاع الزمني الذي «لا علاقة له بإيقاع زمن القروي والراعي والفلاح والتاجر البسيط أو الحرفي التقليدي» (ص49).

لا نفترض ذلك افتراضاً، بل لأن هذا هو ما فعله بالذات مع عبادة أخرى هي الصيام التي توافر فيها «التنصيص القرآني» على الكيفية والوقت، ورغم ذلك نراه يقرر «الصوم يبقى أفضل من الإفطار ولكن الإفطار مع الفدية من الرخص التي من المفروض أن يتمتع المسلم بها من غير شعور بالذنب أو بالتفريط في القيام بواجبه -! - (ص51)، أي أنه يتوسع في موضوع «الرخصة» لتشمل كل من لا يريد الصيام من دون ضابط واضح، مع تقريره أن الصيام «أفضل من الإفطار!».

لماذا أصلا يطالب بالتمتع برخصة الإفطار؟ «لأن الصوم يعطل الآلة الإنتاجية في وقت تعاني فيه أغلب المجتمعات الإسلامية التخلف الاقتصادي» (ص55) إذن يكون الصيام أفضل من الإفطار حسب هذا المنطق!

وهكذا فإن الشرفي يقرر «أن الثبات المزعوم للعبادات في الإسلام إنما هو تكريس للانحراف عن معانيها» (ص57) وإذا كان هذا سارياً على الصلاة والصيام، فإنه يطبقه أيضاً -وبشهية لا مثيل لها- على الزكاة، والحج، من باب أولى، مما لا داعي للدخول فيه.

وصل أدعياء التجديد إلى إلغاء العبادات والشعائر إذن، خطوة خطوة وصلوا إلى هناك، تسللوا على رؤوس أصابعهم، رويداً رويداً، إلى أن وصلوا إلى تفكيك الشعائر.

لكن هل يجب أن يثير هذا استغراب أي أحد؟ ألم يكن هذا متوقعاً منهم منذ البداية، رغم تطميناتهم وتأكيداتهم أن الأمر لن يصل إلى العبادات؟

لم يكن أدعياء التجديد الديني أكثر صدقاً وانسجاماً مع أنفسهم ومع منطلقاتهم، كما كان الدكتور الشرفي في هذه الحوارية .. لقد قال بصراحة، ما كان الآخرون يتجنبونه .. وهذا، على الأقل، إنجاز!

.................................................. .................................................. ........................

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير