تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مشروع علاء الدين!]

ـ[مهاجر]ــــــــ[21 - 02 - 2010, 09:00 ص]ـ

مشروع علاء الدين: مشروع غريب لا يقل غرابة عن مصباح علاء الدين، ووجه غرابته أنه: يناقض الوحي المنزل بإبطاله دلالة القياس العقلي الصريح الذي اطرد في التنزيل فما نزل الوحي إلا لتقريره فهو مزك للعقول لا يطمس عليها ولا يستخف بها، كما يستخف بعقول المسلمين اليوم، حتى عول كثير من أعدائهم على غبائهم، أو ضعف ذاكرتهم على أقل تقدير، بل قل فقدانها، مع قرب العهد بالحدث.

مشروع تتبناه جهات دولية لتجريم المحرقة، وليس ذلك بدعا من سياسة الابتزاز الصهيونية للعالم بأسره لا سيما العالم النصراني الذي استقر في وجدانه مفهوم الخطيئة التي طاردت الأجيال البشرية من لدن آدم إلى حين وقوع الخلاص بالفداء المزعوم، مع أنه لم يقع بعده خلاص بل انحدرت البشرية إلى هوة سحيقة حتى جاءت الرسالة الخاتمة لتشرق الأرض بنور الوحي بعد تقادم العهد بطمس معالم التوحيد في رسالة المسيح عليه السلام، فمن استقر في وجدانه تلك العقدة النفسية الغريبة المناقضة لكل قياس عقلي يقضي بلزوم العقوبة عين الفاعل فـ: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى)، من استقرت في وجدانه تلك العقدة، فيسير على الصهاينة أن يبتزوه ويبتزوا فروعه من بعده بمحرقة تم النفخ فيها على طريقة التهويل في معرض تحقيق أعظم قدر ممكن من المكاسب المعنوية والمادية، بخلاف من يفترض أنهم أتباع الرسالة الخاتمة، فإن لهم قياسا صحيحا يقضي بالتسوية بين المتماثلات والتفريق بين المتباينات، وهو الذي ينقضه الواقع نقضا، إن ارتضى العقل المسلم مقررات هذا المشروع الداعي إلى تدويل المحرقة تدويلا دراسيا، إن صح التعبير، فتصير من مقررات الدراسة الإلزامية في كل دول العالم إمعانا في التضليل، فيصير الابتزاز عالميا بعد أن كان أوروبيا، والمستهدف الأول بهذا الأمر من عاش اليهود والنصارى خصوصا وأهل الذمة عموما في ظل دولتهم الزاهرة التي كانت ترفرف في سمائها أعلام النبوة، من عاش أولئك في ظل دولتهم أزهى عصورهم بشهادة التاريخ، فليس ثم أمة تملك ما يملكه المسلمون من دقة التشريع في مسائل أهل الذمة والمعاهدين، ولعل المقارنة بين حال يهود في الدولة الإسلامية، ويهود في الدولة الإسبانية الكاثوليكية قبل وبعد سقوط غرناطة خير شاهد على ذلك، فليس لدينا ما لدى أوروبا من العقد ليصح في حقنا ما يصح في حقها من تأنيب للضمير، الذي لا يشعرون بوخزه، إلا إذا كان المظلوم يهوديا!، مع عظم ما لقيه المسلمون من جورهم قديما وحديثا في أرضهم، ومحاكم تفتيش إسبانيا قديما ومجازر الصرب حديثا خير شاهد على ذلك، والحملات الصليبية قديما، وحملات أمريكا حديثا على بلاد الأفغان ومن ثم بلاد الرافدين وما لقيه المسلمون لا سيما في العراق من عسف وجور الآخر! الذي يدعو المسلمين إلى تفعيل الحوار بين الحضارات في المنتديات الكلامية!، بينما يمارس على الأرض نقيض ما يتشدق به، كل أولئك خير شاهد على سلامة الضمير المسلم مما يعاني منه الضمير الأوروبي الذي يعاني فصاما نكدا، فليس ثم ظلم إلا ما وقع على يهود، وأما ما يقع على المسلمين فإنه قربان نزول المسيح عليه السلام!، وتلك خرافة نجح اليهود في غرسها في الوجدان النصراني فهو مهيأ لقبول أي خرافة، من لدن نجح بولس اليهودي في تبديل دين المسيح فأدخل عليه من خرافات الأمم ما الله به عليم، ثم تلاه رهبان السوء الذين استرقوا العقول بخرافة الصلب، فهي مقالة لا يستغرب من معتنقها اعتناق أي مقالة أو تصديق أي خرافة ومنها خرافة: تمكين اليهود من أرض الميعاد بذبح أعداء المسيح من الوثنيين الموسومين بالمسلمين، فمحرقة النازية الغائبة تستحق الترويج والتدويل والتذكير، ومحرقة غزة الحاضرة لا تستحق مجرد التنويه!، وجرائم النازي القديمة في دائرة الضوء، وجرائم الصليبي والصهيوني الحديثة في دائرة النسيان، وليس بمستنكر عليهم أن يروجوا لبضاعتهم وإن كانت كاسدة فاسدة، ولكن المستغرب أن يشارك المسلمون ومنهم شخصيات عامة لها وزنها في الترويج لتلك البضاعة لا سيما بعد الموقف المخزي في حرب غزة الأخيرة، فلا أقل من صمت إن عجز اللسان عن قول الحق فـ:

لا خيل عندك تهديها ولا مال ******* فليسعد النطق إن لم يسعد الحال.

فاربأ بنفسك على أقل تقدير عن المشاركة في ترويج ذلك المخدر الفكري الذي يتلف مراكز الإحساس في العقل المسلم فلا تعرف ولاء ولا براء، ولو من منظور الوطنية أو القومية، فضلا عن المنظور الإسلامي الذي يفترض أن يهيمن على تصورات وأحكام المسلمين في القضايا الخاصة والعامة.

ونلك صورة أخرى من صورة المداهنة التي تكفل الوحي ببيان مآلها: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)، فلن يرضوا، وإن مددنا أيدينا برسم الخضوع والمهانة، ولن يرضوا وإن بعنا لهم مقدرات المسلمين الكونية من ثروات، كما يحدث الآن في مصر التي تعاني أزمة طاقة بعد إبرام صفقات إمداد يهود بثروتها الغازية بثمن بخس مع أن يهود تبيعه لأهل غزة بثمن خيالي! في الوقت الذي يقتتل فيه المسلمون على أنابيب الغاز في أزمة مشابهة لأزمة القتال على رغيف الخبر من نحو سنتين، ولن يرضوا وإن بعنا لهم مقدرات المسلمين الفكرية فروجنا لأفكارهم تخريبا لعقلية الناشئة المسلمة، بل لو ارتد المسلمون فلن يكونوا إلا رعايا من الدرجة الثانية للشك في ولائهم، فهو خاسرون على كل صعيد وفي كل حال.

وتلك دعوى من جنس دعوى الكنيسة الأخيرة بجمع مليون توقيع لحذف الآيات القرآنية من المناهج الدراسية المصرية، مع ما قد علم من سطحية المقررات الدينية في مصر، فقد أزيلت كل الآيات التي تقدح في اليهود: الحليف المعاهد فضلا عن النصارى شركاء الوطن!، الذي يتآمرون عليه ليل نهار، ومع كل تنازل تزداد شهية القوم إلى تنازل جديد، فمن آنس من خصمه ضعفا ولم يستغله فهو مغفل!.

وإلى الله المشتكى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير