تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[رجعي تقليدي مفخخ]

ـ[بلا اسم]ــــــــ[14 - 02 - 2010, 09:51 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

ماك دونالد .. والاصمعي

ركب الأصمعي يوما ناقته، وجر إزاره، وأقفل هاتفه النقال، ليبتعد

عن كل مشغل لاه ..

وعزم على أن يدور المدينة من أولها إلى أطرف أطرافها، ليستقصي خبرا

، وينشد أثرا، ويلمح عبرا ..

وانطلقت الناقة مسرعة صوب طريق المدينة الطويل، لا تأبه بالمسارات

والأزقة .. ولا لوحات التنبيه .. ولا خطوط الطريق المتعرج .. بيضاءها

وصفراءها

والأصمعي فوق ذلك، فاغر الفم، راجف القلب، مضطرب النظرات، لا يدري

أين هو، أفي البرزخ يختال .. أم بالقبر لا زال .. ؟

أما الدنيا فهي أقل من أن تكون هكذا .. هكذا كان يحدث نفسه .. جر

ناقته من خطامها حتى كادت تسقط، ووقف مبهوتا، يسترجع الشعر

والعربية و النحو ..

ولكن .. لا نحوه، ولا شعره، ولا عربيته أغنت عنه شيئا

توقف ساعة من دهر، يتهجأ "ماك دونالد" ويتعتع، ويخطئ ويستعجب،إذ

يعلم أنه ماهر بالقراءة ..

حتى إذا لم يتبينها، ورأى بداخلها هؤلاء الوالجين والخارجين يحملون

كؤوسا حمراء كقنينات الخمر .. حوقل واسترجع، وهبّ من لحظته، وحلف

ليلجنّ دار الخلافة الساعة ليؤدي النصيحة إلى الخليفة مشافهة بلا

ترجمان: أي فجور هذا، وأي اشهار للمنكر هذا .. ؟

أن يعلن علج من علوج الروم أو زمول من زماميلهم عن نفسه وسط المدينة

، والناس والجون عليه خارجون بأمتعتهم، وزاد، وبهجة، بل وبشراب

أسود اللون والرائحة والمخبر .. إن هذا لأمر يراد

وما أن سار حتى استوقفته "ماك دونالد"، فككها، حللها، سماعية هي

أم قياسية، على وزن فعلالي، أم على وزن الشيطان أم ما الأمر يا

اصمعي .. ؟؟ هكذا كان يحدث المسكين نفسه، وعقد العزم فشدد في عقده،

واعتلى ظهر راحلته وانطلق مسرعا لا يلوي على شيء، يبتغي وسط المدينة

، حيث دار الإمارة وامير المؤمنين،ولن يخيب فيه رجاه وأمله ..

رمى الآفاق قبل القريب من الارض ببصره، كلُ شيء غريب وذا ينفذ صبره،

حتى الشمس، اخت يوشع قد تنكرت له، إذ تحملق قرصها فيه شزر، ما

عهد الشمس هكذا، أتراها اصيبت بشيء يقال له الإحتباس الحراري أم هو

الشيء الآخر المسمى بـ ثقب الأوزون، ألم يوقعوا بعد على معاهدة "

كيوتو"؟

التفت يسارا فوجد كلاما يعقله، وعربية يعرفها، قرأ فرحا جذلا:

(النادي الأدبي)!!

كبّر وافتر مبسمه عن ضواحك، وترنم ترنم الصادي، خلع نعليه وظن أنه

بالوادي، وبعد أن ولج ببعيره ردهة النادي، استقبله قيِّمه "حارس

الأمن" بغلظة وجفاء:

- وين يا أخ .. ؟

- إلى أين .. أتراني والجا دار أبيك .. أم يممت خدر .. ؟؟

- الأخ "سعودي"؟

- أنا الأصمعي يا أحمق!

- أقول الأخ سعودي؟؟ ولا تكثر هرج

- أي عربية هذه التي تنطق، أم هي رطانة العجم ..

وعلا صوته بعد أن اشطاط غضباً

فخرج مدير النادي يستقصي مصدر الجلبة، خشية أن تتحول إلى عراك يدوي

وحلبة، ولحسن الحظ أنه قد زار النادي في ذلك اليوم، وكان من شأنه

أنه كثير الغياب والنوم، وحينا يكون في المزادات يروم منخفض الصفق

والسوم ..

ولما رأى الراحلة والعمامة، والأعرابي الذي رأسه كالثغامة، ارتدى

وجهه عريض الإبتسامة، نص في الفرجة دونما مسارعة، قال قبل أن يبدي

ملامة:

- " من أنت .. ؟ لا يكون .. "

- الأصمعي ..

أمعن في حيلته، وأراد أن يحاكيه في مسرحيته، وعلى الفور قال في

ساعته:

- "أي أصمعي يا رجل .. ؟ "

- وكم أصمعيا تعرف .. ؟ - " هل تصدق يا أخ، أنني أبتهج لمرأى مثلك، ممن يحبون التراث،

ويتزيون بزيه وسحنته، ويكرهون بهارج هذه الحضارة المجنونة، سوف

أحاول أن أطرح عليهم في الإجتماع القادم، مسألةَ ضمك لمقتنيات التراث

بنادينا .. تفضل، تفضل .. قلّط، قلّط "

لم يفقه الأصمعي شيئا مما قال الرجل، ولاذ بالصمت فما نطق ولا استهل،

لكنه استجاب لإشارة يده، وولج النادي بعده، وسأل ..

- ماذا عندكم بناديكم هذا؟

- " عندنا ـ طال عمرك ـ الشعر والنثر، وما تناثر بينهما .. "

- أنشدني إذن ..

- "هل تريد لمحمود درويش أم حجازي؟؟ "

- أتتخذني هزوءاً!! من هؤلاء النكرات الهوالك يا أخا العرب؟؟

- " أقول اركد وانا اخوك .. ترى هذولا أشعر اهل هذا الزمان!! "

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير