تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[من آخر سورة الحشر]

ـ[مهاجر]ــــــــ[05 - 03 - 2010, 02:45 م]ـ

آخر سورة الحشر: اشتمل على جملة من أوصاف الرب، جل وعلا، لم توجد في سياق آخر، باستثناء آية الكرسي، أعظم آيات الكتاب العزيز ففيها جملة من الصفات لم تتكرر هي الأخرى في موضع آخر، فمن آخر الحشر:

ومن قوله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)

فذلك من الإطناب بتعدد الأخبار عن الرب، جل وعلا، عند من يجيز تعدد الأخبار بخلاف من يمنع ذلك فإنه يقدر لكل خبر مبتدأ محذوفا دل عليه المبتدأ المذكور، وذلك أليق بمقام الثناء على الرب، جل وعلا، بتعداد أوصاف كماله، على ما اطرد في هذا الباب الجليل من الإثبات المفصل لوصف الكمال في معرض الثناء، والنفي المجمل لوصف النقص في معرض التنزيه، فضمير الشأن مئنة من العناية استرعاء لانتباه المخاطب، وما بعده خبر أول عنه فثان فثالث .... إلخ، أو هو مبتدأ أول، وما بعده مبتدأ ثان، وما بعده خبر عن المبتدأ الثاني وما تلاه من أخبار فإنما هو عن المبتدأ الثاني، وجملة المبتدأ الثاني وأخباره: خبر عن المبتدأ الأول، كما ذكر النحاة في نحو قوله تعالى: (قل هو الله أحد)، وعلى كلا التقديرين فالتوكيد واسترعاء انتباه المخاطب متحقق بتصدير السياق بضمير الشأن الذي يفيد الاهتمام بشأن المذكور بعده، وأشار صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، إلى وجه لطيف لذكر اسم الله الكريم مع جواز الاكتفاء بالإخبار عن ضمير الشأن الدال عليه، إذ اسم الله هو الاسم الدال على الذات الإلهية المتصفة بأوصاف الكمال المطلق، فإليه ترجع كل الأسماء الحسنى والصفات العلى، فيكون ذلك من التصدير بالعام لكل كمال اتصف به الرب، جل وعلا، أزلا وأبدا، ثم الإطناب بذكر الخاص بتعداد جملة من أوصاف الجمال والجلال التي اتصف بها على الوجه اللائق بجلاله فهو: اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: فذلك من البيان لوصف الألوهية، فالقصر بتعريف الجزأين: هو الله، يبينه ما بعده: فهو الله وحده لا إله إلا هو، فذلك من إيجاز الحذف إذ القصر يدل بمنطوقه على الإثبات المذكور وبمفهومه على النفي المحذوف، فيثبت الوصف لله، عز وجل، إيجابا، وينفى عما سواه سلبا، ثم جاء وصف العلم فهو: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ: على جهة الإضافة الحقيقية لا اللفظية العارضة التي تفيد حدوث الفعل لدلالة اسم الفاعل على مضارعه، والمضارع مئنة من الحدوث، والحدوث في وصف الرب، جل وعلا، لفظ مجمل يحتمل معنى باطلا بطروء كمال عليه كان عنه عريا، حاشاه تبارك وتعالى، ويحتمل معنى صحيحا، وهو تجدد تعلق علمه الثاني الإحصائي بمفعولات عباده إذا وقعت في عالم الشهادة وفق ما قدر بعلمه الأول التقديري في الأزل، فتجيء الشهادة مواطئة للغيب، ولذلك ذيل بالشهادة عقيب الغيب فهي تأويل تقدير الرب، جل وعلا، الأزلي، فيصير الغيب شهادة، بخروج الفعل من حيز العدم إلى حيز الوجود فيصح تعلق الأحكام به حسنا أو قبحا، ثوابا أو عقابا، ولا مانع من الجمع بين الدلالتين فإنه بالنظر إلى الغيب تحمل الإضافة على الإضافة الحقيقية التي تفيد دوام الوصف، فعلم الرب، جل وعلا، باعتبار تعلقه بذاته القدسية: أزلي فهو من صفات ذاته المعنوية التي لا تنفك عنها فأوليته من أوليتها المطلقة، وبالنظر إلى الشهادة تحمل الإضافة على الإضافة اللفظية التي تفيد تجدد الوصف باعتبار تعلقه بالموجودات الكائنة قضاء لتقديره الأول بعلمه الأزلي: فيتجدد علمه بها علما ثانيا محيطا بعد علمه التقديري الأول بحدوثها من العدم وخروجها من حيزه إلى حيز الوجود والشهادة، فله العلمان تبارك وتعالى: علم التقدير وعلم الإحصاء، و "أل" في: الغيب والشهادة جنسية استغراقية لكل غيب وشهادة، فذلك مئنة من عموم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير