[الألفية الأولى!]
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 03 - 2010, 08:41 ص]ـ
نظمت المؤسسات المدنية في غزة مسيرة تذكر العالم بمرو ألف يوم على بدء الحصار الظالم، مع التحفظ من جهة الحكم الشرعي على تخصيص أيام بعينها لمظاهر احتجاجية .... إلخ ولكنهم مع ذلك، بالنظر بعين القدر، ما فعلوا ما فعلوا إلا إيقاظا لضمير العالم النائم لا سيما العالم الإسلامي الذي يعاني ضميره في الآونة الأخيرة: موتا سريريا، فلم ينظموا تلك التظاهرة لمجرد التسلية أو تضييع الوقت وإنما هي صرخة ألم من يعاني من ويلات الحصار الجائر الذي يسير نحو عامه الثالث في الصيف القادم في عالم يزعم التزامه بحقوق الإنسان!، وما جال بخاطري عند سماع هذا الخبر: التفاوت الكبير في الإحساس بمرور الوقت بين المعافى الذي تمر الساعات وتنقضي دون أن يشعر، فالأيام تمر على أصحاب العافية، وهم في غفلة عن أعمارهم التي تنقضي بل ربما فرح الصغير بصيرورته كبيرا، ومآله بعد ذلك الندم!:
يسر المرء ما ذهب الليالي ******* وكان ذهابهن له ذهابا
فلا يشعر، لخفة مرور الوقت على أصحاب العافية، لا يشعر بمصيبته في أيام عمره التي تنقضي، فينقضي بعضه بانقضائها، بخلاف أصحاب البلاء فإن اليوم عندهم بألف يوم من أيام أهل العافية، فإحساسهم بالوقت تحت وطأة الحصار لا سيما المرضى وأصحاب الاحتياجات الخاصة ليس كإحساسنا، ونحن في عافية، وإن كانت متوهمة! كما يقول بعض الفضلاء، وكأن بدء الأمر من صيف عام 2007، لما تم طرد الفئة المفسدة في الأرض من القطاع، إلى يوم الناس هذا طرفة عين، فلا زلت أذكره، وكأنه قد وقع بالأمس القريب، مع أن أهل غزة قد عانوا خلال هذه الألفية من صنوف الحصار والقصف ما عانوا، فلن يشعر بحالهم إلا من جرب تجربتهم فعرف ما عرفوا من ثقل زمان الابتلاء بأسر أو قصف أو حصار، ولعل أهل البلاد التي تعرضت إلى صنوف من ذلك لا سيما البلقان طيلة سنوات الحرب: 92_95، ثم بلاد الأفغان، ثم العراق، لعل أولئك أعلم الناس بحال أهل غزة.
ومرت أيام وسنون من العمر، وكان الإنسان يظن يوما ما أن تقدمه في العمر أمر بعيد، فإذا به قد صار حقيقة ماثلة، فطويت صفحات من العمر وكأنها أسطر يسيرات، والأيام ستنقضي لا محالة، حلوة كانت أو مرة، فالابتلاء إلى زوال، وإن طال، وذلك مما يسلي به إخواننا من أهل غزة أنفسهم، فإن الشدة بتراء ولو طالت، وحظ من ينتظر الفرج خير بكثير من معافى ينتظر الابتلاء بمقتضى السنة الكونية الجارية فلا ينفك الإنسان عن تعاقب السعة والضيق فيه، فمن سعة إلى ضيق ومن ضيق إلى سعة، وهو ما ينتظره أهل غزة الآن، وإن طال الابتلاء شيئا ما تمحيصا للقلوب وفضحا للنفوس، لا سيما نفوس الجيران!، فـ: (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ).
وإلى الله المشتكى.
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[16 - 03 - 2010, 12:15 ص]ـ
بارك الله فيك أخي مهاجرا على هذه اللفتة الطيبة .... وكل ما تأتي به طيبا , فالطيب لا يأتي إلا بالطيب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه رائحة طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة"
وأنت مثلك كمثل الجليس الصالح.
وإليك هذه القصة المنقولة:
كان شيخ يعيش فوق تل من التلال ويملك جواداً
وحيداً محبّباً إليه، و في يوم من الأيام فر جواده فجاء إليه جيرانه يواسونه
لهذا الحظ العاثر فأجابهم بلا حزن وما أدراكم أنه حظٌ عاثر؟ وبعد أيام قليلة عاد
إليه الجواد مصطحباً معه عدداً من الخيول البريّة .. فجاء إليه جيرانه يهنئونه
على هذا الحظ السعيد فأجابهم بلا تهلل وما أدراكم أنه حظٌ سعيد؟ ولم تمض
أيام حتى كان ابنه الشاب يدرب أحد هذه الخيول البرية فسقط من فوقه
وكسرت ساقه وجاءوا للشيخ يواسونه في هذا الحظ السيئ فأجابهم بلا
هلع وما أدراكم أنه حظ سيء؟ وبعد أسابيع قليلة أعلنت الحرب وجند شباب
القرية وأعفي إبن الشيخ من القتال لكسر ساقه فمات في الحرب شبابٌ
كثيرين وهكذا ظل الحظ العاثر يمهّد لحظ سعيد والحظ السعيد يمهّد لحظ عاثر
الى ما لا نهاية في تلك القصة وليست في القصة فقط بل وفي الحياة لحد
بعيدأهل الحكمة لا يغالون في الحزن على شيء فاتهم لأنهم لا يعرفون على
وجه اليقين إن كان فواته شراً خالصاً أم خير خفي أراد الله به أن يجنبهم ضرراً
أكبر، ولا يغالون أيضاً في الابتهاج لنفس السبب إنما يشكرون الله دائماً
على كل ما أعطاهم ويفرحون باعتدال ويحزنون على ما فاتهم بصبر
وتجملهؤلاء هم السعداء .. فإن السعيد هو الشخص القادر على تطبيق
مفهوم الرضي بالقضاء والقدر ويتقبل الأقدار بمرونة وإيمان لا يفرح الإنسان
لمجرد أن حظه سعيد فقد تكون السعادة طريقًا للشقاء والعكس صحيح ..
¥