تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[شيخ في قطار]

ـ[الخبراني]ــــــــ[18 - 03 - 2010, 01:49 م]ـ

حصلت هذه القصة في أحد القطارات ففي ذات يوم اطلقت صافرة القطار مؤذنةً بموعد

الرحيل .. صعد كل الركاب إلى القطار فيما عدا شيخ وقور وصل متأخراً .. لكن من

حسن حظّهِ أن القطار لم يفته .. صعد ذلك الشيخ الوقور إلى القطار فوجد ان الركاب

قد استحوذو على كل مقصورات القطار .. توجّه إلى المقصورة الأولى ... فوجد فيها

أطفالاً صغاراً يلعبون و يعبثون مع بعضهم .. فأقرأهم السلام .. وتهللوا لرؤية

ذلك الوجه الذي يشعّ نوراً وذلك الشيب الذي أدخل الى نفوسهم الهيبة والوقار له

. أهلاً أيها الشيخ الوقور سعدنا برؤيتك .. فسألهم إن كانوا يسمحون له بالجلوس

؟؟ .. فأجابوه: مثلك نحمله على رؤسنا .. ولكن!!! ولكن نحن اطفال صغار في عمر

الزهور نلعب ونمرح مع بعضنا لذا فإننا نخشى أن لاتجد راحتك معنا ونسبب لك

إزعاجاً .. كما أن وجودك معنا قد يقيّد حريتنا .. ولكن إذهب الى المقصورة التي

بعدنا فالكل يودّ استقبالك ...

توجه الشيخ الوقور الى المقصورة الثانية .. فوجد فيها ثلاثة شباب يظهر انهم في

آخر المرحلة الثانوية .. معهم آلات حاسبة ومثلثات .. وهم في غاية الإنشغال بحل

المعادلات الحسابية والتناقش في النظريات الفيزيائية .. فأقرأهم السلام ....

ليتكم رأيتم وجوههم المتهللة والفرحة برؤية ذلك الشيخ الوقور .. رحبوا به

وأبدوا سعادتهم برؤيته .. أهلا بالشيخ الوقور .. هكذا قالوها .. فسألهم إن

كانوا يسمحون له بالجلوس .. !!! فأجابوه لنا كل الشرف بمشاركتك لنا في مقصورتنا

ولكن!!! ولكن كما ترى نحن مشغولون بالجا والجتا والمثلثات الهندسية .. ويغلبنا

الحماس أحيانا فترتفع أصواتنا .. ونخشى أن نزعجك أو أن لاترتاح معنا .. ونخشى

أن وجودك معنا جعلنا نشعر بعدم الراحة في هذه الفرصة التي نغتنمها إستعداداً

لإمتحانات نهاية العام .. ولكن توجه الى المقصورة التي تلينا .. فكل من يرى

وجهك الوضاء يتوق لنيل شرف جلوسك معه ...

أمري إلى الله .. توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة التالية .. فوجد شاب وزوجته

يبدوا أنهم في شهر عسل .. كلمات رومانسية .. ضحكات .. مشاعر دفاقة بالحب

والحنان ... أقرأهما السلام .. فتهللوا لرؤيته .. أهلاً بالشيخ الوقور .. أهلاً

بذي الجبين الوضاء .. فسألهما إن كانا يسمحان له بالجلوس معهما في المقصورة؟؟؟

فأجاباه مثلك نتوق لنيل شرف مجالسته .. ولكن!!! .. ولكن كما ترى نحن زوجان في

شهر العسل .. جونا رومانسي .. شبابي .. نخشى ان لاتشعر بالراحة معنا .. أو ان

نتحرج متابعة همساتنا أمامك .. كل من في القطار يتمنى أن تشاركهم مقصورتهم ..

توجه الشيخ الوقور إلى المقصورة التي بعدها .. فوجد شخصان في آوخر الثلاثينيات

من عمرهما .. معهما خرائط اراضي ومشاريع .. ويتبادلان وجهات النظر حول خططهم

المستقبلية لتوسيع تجارتهما .. وأسعار البورصة والأسهم .. فأقرأهما السلام ...

فتهللا لرؤية .. وعليك السلام ورحمة الله وبركاته أيها الشيخ الوقور .. أهلاً

وسهلاً بك ياشيخنا الفاضل .. فسألهما إن كانا يسمحان له بالجلوس؟؟؟ فقالا له:

لنا كل الشرف في مشاركتك لنا مقصورتنا ... بل أننا محظوظين حقاً برؤية وجهك

الوضّاء .. ولكن!!!! " يالها من كلمة مدمرة تنسف كل ماقبلها " .. كما ترى نحن

بداية تجارتنا وفكرنا مشغول بالتجارة والمال وسبل تحقيق مانحلم به من مشاريع ..

حديثنا كله عن التجارة والمال .. ونخشى أن نزعجك أو أن لاتشعر معنا بالراحة ..

اذهب للمقصورة التي تلينا فكل ركاب القطار يتمنون مجالستك ..

وهكذا حتى وصل الشيخ إلى آخر مقصورة .. وجد فيها عائلة مكونة من أب وأم

وابنائهم .. لم يكن في المقصورة أي مكان شاغر للجلوس .. قال لهم: السلام عليكم

ورحمة الله وبركاته .. فردوا عليه السلام .. ورحبوا به ... أهلا أيها الشيخ

الوقور .. وقبل أن يسألهم السماح له بالجلوس .. طلبوا منه أن يتكرم عليهم

ويشاركهم مقصورتهم .. محمد اجلس في حضن أخيك أحمد .. ازيحوا هذه الشنط عن

الطريق .. تعال ياعبدالله اجلس في حضن والدتك .. حتى افسحوا مكاناً له .. حمد

الله ذلك الشيخ الوقور .. وجلس على الكرسي بعد ماعاناه من كثرة السير في القطار

..

توقف القطار في احدى المحطات ... وصعد اليه بائع الأطعمه الجاهزة .. فناداه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير