تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ

ـ[الخبراني]ــــــــ[21 - 03 - 2010, 12:23 م]ـ

الأدب مع الله (عَزَّ و جَلّ)

يَنظر المسلم ما لله- تعالى- عليه من مِنَنٍ لا تُحصى، ونِعَم لا تُعدّ؛ اكتنفته من ساعة عُلوقُه نطفةً في رَحِم أمِّه، وتُسايره إلى أن يلقى ربه- عز وجل- فيشكر الله- تعالى- عليها بلسانه وبحمده والثناء عليه بما هو أهله، وبجوارحه بتسخيرها في طاعته؛

فيكون هذا أدبا مِنهُ مع الله- سبحانه وتعالى-؛

إذ ليس من الأدب في شيء كُفْران النعَم، وجحودُ فضل المُنعِم، والتَّنكُّر له ولإحسانه وإنعامه،

والله- سبحانه- يقول:"وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ النحل: 53

وينظر المسلم إلى عِلمِه- تعالى- به واطّلاعِهِ على جميع أحواله؛ فيَمْتلئُ قلبُه منه مهابة، ونفسه له وقارا وتعظيما؛ فيخجل من معصيته، ويستحي من مخالفته، والخروج عن طاعته.

فيكون هذا أدبا منه مع الله- تعالى-؛

إذ ليس من الأدب في شيء أن يُجاهرَ العبدُ سيِّدَهُ بالمعاصي، أو يُقابله بالقبائح والرذائلوهو يَشهَدُه وينظرُ إليه، قال تعالى: يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ النحل: 19

وينظر المسلم إليه- تعالى- وقد قدَرَ عليه، وأخذ بناصيته، وأنه لا مفرَّ له ولا مهرب، ولا مَنجَى، ولا مَلجَأ منه إلا إليه؛ فيفرُّ إليه- تعالى- ويَطرَحُ بين يديه، ويُفوِّضُ أمْره إليه، ويتوكل عليه؛

فيكون هذا أدبا منه مع ربِّه وخالقه؛

إذ ليس من الأدب في شيء لِفِرارُ مِمَّن لا مَفرَّ مِنه، ولا الاعتماد على مَنْ لا قدْرَة له، ولا الاتِّكال على مَن لا حَول ولا قوَّة له، قال- تعالى-:مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلّا هُوَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَاهود: 56، وقال- عزَّ و جلّ-:فَفِرُّوا إلَى اللهِ إنِّي لكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ الذاريات: 50

وقال- تعالى-:وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَالمائدة: 23

وينظر المسلم إلى ألطاف الله- تعالى- به في جميع أموره، وإلى رحمته له ولسائر خلقه؛ فيطمع في المزيد من ذلك، ويتضرَّعُ له بخالص الضَّراعة والدُّعاء، ويتوسَّل إليه بِطيّبِ القول، وصالح العمل؛

فيكون هذا أدبا منه مع الله- مولاه-؛

إذ ليس من الأدب في شيء اليأسُ من المزيد من رحمةٍ وسِعَتْ كل شيء، ولا القنوط ُمن إحسانٍ قد عَمَّ البَرايا، وألطافٍ قد انتَظمَتِ الوجُود؛ قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ َشَيْءٍالأعراف: 156، وقال تعالى: وَلا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللهِيوسف: 87

وينظر المسلم إلى شِدَّة بَطشِ رَبِّه، وإلى قوَّة انتقامِه، وإلى سُرعَة حِسابِه؛ فَيَتَّقيهِ بطاعته، ويَتوَقَّاه بعدم معصيته؛

فيكون هذا أدبا منه مع الله؛

إذ ليس من الأدب عند ذوي الألبابِ أن يتعرضَ بالمعصية والظلم؛ العبدُ الضعيفُ العاجزُ للربِّ العزيز القادر، والقويُّ القاهِر وهو يقول: وَإِذَا أرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍالرعد: 11ويقول: إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌالبروج: 12

وينظر المسلم إلى الله- عزَّ و جلّ- عند مَعصيتِه، والخروج عن طاعتِه، وكأنَّ وعيده قد تناوَلهُ، وعذابَهُ قد نزلَ به، وعقابه قد حلَّ بساحته، كما ينظر إليه- تعالى- عند طاعته، وإتباع شرعَتِه؛ وكأنَّ وعده قد صَدَّقَه له؛

فيكون هذا من المسلم حُسْنَ ظنٍّ بالله، ومن الأدب؛ حُسْنَ الظنِّ بالله؛

إذ ليس من الأدب أن يُسيءَ المرء الظنَّ بالله؛ فيعصيه ويخرج عن طاعته، ويَظنّ أنَّه غير مُطَّلعٌ عليه، ولا مؤاخذٌ له على ذنبه، وهو يقول: وَلَكِن ظَنَنتُمْ أنَّ اللهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أرْدَاكُمْ فَأصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَفصلت: 22 - 23

كما أنه ليس من الأدب مع الله أن يتَّقيَهُ المَرْءُ ويطيعه ويظنُّ أنَّه غير مُجازيهِ بحُسْنِ عمله، ولا هو قابلٌ منه طاعته وعبادته،

وهو- عز وجلّ- يقول: وَمَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَالنور: 52

خلاصة القول: أنَّ شكرَ المسلم ربََّه على نِعَمِه، وحَياءّه منه- تعالى- عند الميل إلى معصيته، وصِدْق الإنابة إليه، والتوكل عليه، ورجاءَ رحمته، والخوف من نقمته، وحُسْنَ الظنِّ به في إنْجاز وعده، وإنفاذِ وعيده فيمن شاء من عباده؛ هو أدبه مع الله، وبِقدْر تَمسُّكِه به ومحافظته عليه؛ تعلو درجته، ويرتفع مقامه، وتسمو مكانته، وتعظُمُ كرامته؛ فيصبح من أهل ولاية الله ورعايته.

وهذا أقصى ما يطلبه المسلم ويتمناه طول حياته.

نقلا مختصرا من كتاب:

منهاج المسلم؛ للشيخ أبو بكر الجزائري

ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[21 - 03 - 2010, 12:48 م]ـ

"خلاصة القول: أنَّ شكرَ المسلم ربََّه على نِعَمِه، وحَياءّه منه- تعالى- عند الميل إلى معصيته، وصِدْق الإنابة إليه، والتوكل عليه، ورجاءَ رحمته، والخوف من نقمته، وحُسْنَ الظنِّ به في إنْجاز وعده، وإنفاذِ وعيده فيمن شاء من عباده؛ هو أدبه مع الله، وبِقدْر تَمسُّكِه به ومحافظته عليه؛ تعلو درجته، ويرتفع مقامه، وتسمو مكانته، وتعظُمُ كرامته؛ فيصبح من أهل ولاية الله ورعايته."

اللهم اجعلنا من أهل ولايته ورعايته

كلام رائع

بارك الله فيك أخي الخبراني على النقل المتميز وبارك في المنقول منه

وصدق الله العظيم إذ يقول:

إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير