تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شاهد على تغير الولاءات بتغير المصالح الشخصية، فليس ثم عقد ولاء وبراء ولو لمقالة أرضية من قبيل الوطنية أو القومية .......... إلخ، وإنما عقد الولاء المعتبر هو ما يحفظ أركان الملك، ولو برسم الجور والظلم، وليست تلك السرقة ببدع من السرقات، فهي من جنس سرقات تاريخية كثيرة، لعل من أبرزها سرقة وطن بأكمله هو الجزيرة الأندلسية المفقودة، وما كان يجري من طمس لمعالم الآثار الإسلامية فور اقتحام حواضر الأندلس، فيطمس المعلم الإسلامي، أو يشوه بصلبان ونواقيس تصيره ملكا للمحتل، فلا يشار حتى إلى من شيده، كما وقع للجيرالدا، مئذنة إشبيلية العظيمة، على سبيل المثال، وهي شاهد عز المسلمين ونصرهم يوم الأرك العظيم، فقد شيدها المنصور بفضل الله أبو يوسف في إشبيلية: حاضرة الموحدين الأندلسية فكانت مئذنة عظيمة شاهدة بتصميمها المميز على أصولها الإسلامية فهي من جنس المآذن التي توجد في المغرب إلى يوم الناس هذا لا سيما في مراكش العريقة قصبة الغرب المسلم زمان المرابطين والموحدين، ومع ذلك تم تشويه واجهتها وصارت الكتب، إلا من أنصف فأشار إلى الأصل الإسلامي لها، صارت تتحدث عنها كإرث ثقافي إسباني أصيل!، وقل مثل ذلك في مسجد قرطبة الجامع الذي تم الاستيلاء عليه في القرن السادس عشر فحول إلى كاتدرائية مع كونه، كما يذكر الأستاذ محمد عبد الله عنان، رحمه الله، في مصنفه الجامع: "دولة الإسلام في الأندلس"، ما زال يحتفظ باسمه الإسلامي كما هو: "المسجد الجامع"، أو: " La Mezqnita Aljama"

فمجرد تحويل المسجد إلى بيت للصلبان كاف في نقل نسبته التاريخية من الإسلام إلى النصرانية كما أن مجرد احتلال الجليل وقبة راحيل كاف في نقل نسبتهما من الإسلام إلى اليهودية على طريقة من يغير اللافتة التذكارية لأي منشأة، فيزيل اسم بائد سبقه ويضع اسمه، ليزيله من يأتي بعده إذا باد فتستمر حلقات مسلسل التزييف للحقائق!، والإشكال الآن أن الكيان الصهيوني لم يعد يخشى أحدا من جيرانه، ولو حياء، فهو قليل الكلام إن لم يكن صامتا على الدوام كثير الأفعال على الأرض، والآخرون قد استنفدوا الشعارات فلم يعد لديهم أيضا قول، ولكنهم خلو مع ذلك من العمل، فلا قول ولا عمل، وهذه حال تجعل العدو يطمع في مزيد من المكاسب على الأرض ليفرض أمرا واقعا لا يمكن تغييره بعد ذلك، وهل وجود الكيان نفسه إلا أمر واقع فرضه اليهود بمعونة بريطانيا حتى صار أقصى طموح العرب استعادة ما فقد يوم 5 يونيو 67، بعد أن كان الطموح ابتداء إزالة هذا الكيان السرطاني من جسد أرض الشام.

وفي مقابل انخفاض سقف الطموح الإسلامي يعلو سقف الطموح اليهودي وتلك سنة كونية جارية في أي صراع بين متخاصمين فبقدر تنازل أحدهما وضعته يكون طمع الآخر وصلفه.

وإلى الله المشتكى.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير