الإسلامية، وذلك عرض بارز من أعراض الضعف الذي سرى إلى كل مناحي حياتنا في السنوات الأخيرة التي تغيرت فيها كثير من القيم الدينية والأخلاقية تغيرا جذريا بسرعة لافتة، فالضعف السياسي والاقتصادي، وإن كان بالغ الأثر في تغيير وجهة الرأي العام في المجتمعات الإسلامية، إلى أن المصيبة العظمى إنما تكون في سريان هذا الضعف إلى الدين والأخلاق فتتغير معاييرهما، كما هو الحال في زماننا، فتكون الردة عن الدين وانتهاك الأخلاق الفطرية التي أجمع عقلاء الأمم، فضلا عن أتباع الدين الخاتم، على استحسانها واستقباح حال منتهكها، يصير كل ذلك: حرية شخصية!، وهي النغمة السائدة الآن على لسان الأجيال الجديدة في كل شيء: في الملبس، في طريقة الحديث، في اختيار الأصدقاء .... إلخ وأخيرا في الردة ومباشرة الفواحش المغلظة.
وأشارت الباحثة إلى دور وسائل الإعلام في نشر هذه الظاهرة باستعمال ظاهرة العقل الجمعي في تقرير هذه الفاحشة، عن طريق تكرار الذكر فذلك مما تشمئز منه النفس بداية ثم تعتاده مع كثرة التكرار فأفلام سينمائية تعالج هذه الظواهر بصريح العبارة والفعل!، وبرامج حوارية ساخنة على الفضائيات، ومن كان من ثلاثين عاما على سبيل المثال يستطيع أن يتكلم في هذا الشأن صراحة، ولو في المجالس الخاصة فضلا عن شاشات السينما والتلفاز التي تبث تلك المادة القبيحة إلى مئات الملايين.
وللقوم همة عجيبة في تقرير مبادئهم ولو كان فيها نقض لعرى النبوة، فلسان حالهم لسان قريش: (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آَلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ).
وللسينما المصرية على وجه الخصوص، ولمجموعة من النسوة الساقطات من أرباب الجهر بالفواحش وأسماؤهن معروفة للمتابع لهذا الشأن فقد تولين كبر إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، على وجه أخص، لكليهما دور كبير في تقرير هذا الأمر.
فضلا عن الروايات المقروءة التي بدأت في الظهور توطئة لتقرير هذه الفاحشة، فالتمهيد قد اتخذ مناحٍ شتى.
ويبدو أن الملل من الفواحش الفطرية!، إن صح التعبير، قد دب إلى نفوسنا كما دب إلى نفوس الغرب روادنا في تلك السنن القبيحة، فسرنا وراءهم ثانيا كما سرنا وراءهم أولا، وذلك تأويل قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ". وقد دخلوا جحورا أقذر وأضيق ونحن على خطاهم سائرون.
وقد ألحقت المجلة بالبحث إحصائية تحمل عنوان: "انتحار الأخلاق في محاضن التربية الأمريكية"، تدل على أن قيادة دولة هذا حال أبنائها للعالم هو مئنة من الانحطاط الرهيب الذي تعاني منه البشرية الآن في ظل انحسار النبوة وتمدد المسالك العلمية والعملية المناقضة لها.
وذلك عند التحقيق أخطر صور غزو العدو لحصون المسلمين فللغازي، كما يقول بعض الفضلاء المعاصرين، أزياء متعددة: فزي اقتصادي، وآخر سياسي، وثالث عسكري، وأخطرها الزي الثقافي الذي تمارسه الأمم المتحدة الآن فهي آلة العولمة لتغيير قيم الأمم لا سيما القيم الدينية إرث النبوات: العدو الأول للعولمة.
ولئن صح ذلك في مجتمعات تعاني فقرا بل عدما من التصور العلمي الصحيح وما يحدثه في النفس من صلاح ظاهر وباطن، وتلك أعظم آثار الوحي المنزل على نفوس أتباعه، لئن صح ذلك في مجتمعات تفتقر إلى هذا الزاد الإيماني، فصارت نفوس أبنائها خواء فراحت تتلهى بارتكاب وابتكار الفواحش المغلظة هربا من ذلك الفساد العريض الذي يؤرق العقول والقلوب، فكيف يكون هذا حال أبناء المجتمعات الإسلامية، فذلك، بلا شك، مئنة من غياب الوحي من حياة كثير من شباب المسلمين، فضلا عن غياب الأفاضل من الدعاة وأهل العلم اختيارا، أو تغييبهم قسرا، كما هو الحال في كثير من بلادنا، فعدمت القدوة، فراح أولئك يبحثون عنها في الشبكة العنكبوتية وفي الفضائيات، وكثير من المسالك العلمية من طقوس وثنية، والمسالك العملية من فواحش ونحوها إنما وفدت من تلك الطرق التي لا يسلكها عادة إلا البطالون، فلو شغلت النفوس بالحق ما سلكت مسالك الباطل.
وأخيرا لفتت الدكتورة الباحثة النظر إلى وجوب استعمال عين الشرع في التغليظ على هذه الفئة المنحرفة، وعين القدر التي يعذر بها كثير منهم فهم ضحايا لأنماط الحياة المعاصرة، فتجب دعوتهم إلى التوبة والعودة إلى طريق الجادة لمن ابتلي بمخالطتهم أو مجاورتهم، فالفرار منهم أسلم للدين والدنيا.
وقى الله شباب المسلمين من هذا الخطر الداهم.
والله أعلى وأعلم.
ـ[المهتم]ــــــــ[12 - 03 - 2010, 11:03 ص]ـ
اللهم إنا نعوذ بك من سخطك وخزيك
اللهم أسعدنا برضاك، يا رب العالمين