تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[اليوم .. بداية انطلاق]

ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[13 - 05 - 2003, 02:47 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

اليوم بداية انطلاق

في كل عام يشرق شهر ر بيع الأول بنور متجدد يلامس شغاف القلوب ويصافح أطياف النفوس، ومعه يثور السؤال متجددا أيضا: هل يجوز الاحتفال بالمولد النبوي؟ وتختلف الردود، وتتباين الحجج، ولكن .. من الصعب على من تعود الاحتفال به أن يقبل رأي الطرف الثاني خاصة إن كانت له حجج تجعله مؤمنا بما يفعل، فما رأيكم أن نتخذ يوم المولد النبوي من هذا العام بداية للانعتاق من دائرة الخلافات، والاقتباس من النور النبوي، والعيش في الهدي الرباني؟

فلنعاهد بعضنا بعضا، ولنعاهد أنفسنا على أن نجعل هذا اليوم بداية للتعرف عليه ومحبته، ولنبدأ بالتعرف على ثمرات محبتنا له:

فوائد المحبة

1 ـ الفوز بمحبة الله: بمحبتك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنال محبة الله عز وجل. قال سبحانه وتعالى: (قلْ إِنْ كنتم تُحبونَ الله فَاتبِعُوني يحْببكم الله ويغفرْ لكم ذنوبكم، والله غفورٌ رَحِيم) ــ آل عمران:31

2 ـ حلاوة الإيمان: بمحبتك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محبة كبيرة تجعله أغلى عندك من أبيك وأمك وأخيك وابنك تذوق حلاوة الإيمان. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار)

3 ـ حسن الخلق: بمحبتك له صلى الله عليه وآله وسلم تكتسب الخلق الحسن، فإنك إن أحببته حتى صار حبه يجري في دمك، ويتغلغل في سويداء قلبك، ويملك عليك عقلك وقلبك وفكرك فإنك لا شك ستحاول الاقتداء به، والتمثل بخلقه، والتحلي بصفاته، وإطاعة أمره، فإن المحب لمن يحب مطيع

وهو صلى الله عليه وآله وسلم كان خلقه القرآن، هو من أدبه ربه فأحسن تأديبه، هو من يصفح عمن ظلمه، ويحسن إلى من أساء إليه

4 ـ الاقتداء: فستكون لك قدوة مثلى تحاكيها وتسير على خطاها، فلا تكون ضائعا في حياتك، تسير بلا هدى، ليست أمامك غاية ولا مثل ولا نموذج، بل أمامك أعلى مثل وخير قدوة وأفضل أسوة. قال عز وجل: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا)

5 ـ الفلاح في الدنيا: حبك له، ومحاولتك التشبه بأخلاقه وصفاته تقودك إلى التوفيق، فإن حسن الخلق ييسر للمرء حيث كان بفضل الله، ويجعله نموذجا وقدوة في نظر العقلاء من الناس، ويجعل الله له القبول في الأرض، فإن الله إن أحب عبدا نادى ملائكته أن أحببت فلانا فأحبوه، فيوضع له القبول في السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح

6 ـ الهداية الحقة: إنك إن أحبته واتبعت أمر الله فيه وجب عليك أن تصلي عليه، فإن الله عز وجل يصلي عليه، وافترض علينا الصلاة عليه، قال عز من قائل: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما"

والآن استمع لهذا الحديث النبوي: " من صلى علي صلاة، صلى الله عليه بها عشراً .. ومن صلى علي عشرا صلى الله بها عليه مئة، ومن صلى علي مئة، صلى الله بها عليه ألفا .. أو كما قال صلى الله عليه وسلم

هذه فائدة صلاتنا عليه صلى الله عليه وآله وسلم، فما فائدة صلاة الله عز وجل علينا؟

استمع لهذه الآية الكريمة لتعرف الجواب: "هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما"الأحزاب

فما نتائج ذلك؟ نتائجه أن يكون لك فرقان تخرج به من الظلمات إلى النور، وتميز به الحق من الباطل، فتنكر المنكر، وتتسامى عن الشهوات المحرمة، وتثقل عليك المعاصي، وتتيسر لك الطاعات، ويقبل قلبك على عبادة الرحمن والأنس به والاطمئنان في جنابه

فإن زللت وهذا حال الإنسان الضعيف عدت إلى الله سريعا، عدت بذل وندم وانكسار، عدت بقلب ملتهب بالحسرة متفطر حزنا راج عفو مولاه نادم على ما جنته يداه، فيتقبلك الرحمن في رياض التائبين المنيبينلتحقق شروط التوبة الصادقة فيك، فأنت من المؤمنين الذين يرون صغائر ذنوبهم كالجبال على كواهلهم، لا كما يراها الكافر كالذباب حط على أنفه وطار

ولنعلم أن العلماء قالوا: لا يعد مكثرا من الصلاة على محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا من جاوز ثلاثمئة صلاة في اليوم

7 ـ دخول الجنة في الآخرة: فبمحبتك له تطيع أمره فتنفذ قول الله عز وجل: (وَأَطِيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون)

وبطاعتك له تدخل الجنة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قالوا: يارسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)

اجعل اليوم بداية انطلاق لمحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته والفوز بشفاعته

دع عنك الاحتفالات الظاهرة، والخلافات حول جواز ذلك أو بدعيته، واحتفل به بينك وبين نفسك احتفالا نافعا

ابدأ في التعرف عليه، لا تعجب، أعلم انك تعرفه، ولكن زد المعرفة وانظر إلى الأمر من ناحية أخرى

انظر نظر المتأمل المتمعن، واستحضر مواقفه، واقرأ عن خصاله وكريم أخلاقه

ابدأ من اليوم بقراءة سيرته، شمائله، معجزاته، جهاده، قوته في الحق، رحمته بالعاجز والضعيف، بساطته مع أصحابه وأهله

لا شك أنك ستحبه، وسيتعلق به قلبك أكثر، ويمتلئ لهفة للقائه، وشوقا إلى مرآه

ولأنك لا تريد إلا أن يراك في أفضل صورة يحبها فإنك ستقتدي به، وتتحلى بما علمت من جميل صفاته، وتبحث عما يرضيه من الأقوال والأفعال في الناس فتعمل بما يحب، وتجعل محبتك قربة لك إلى ربك

واجعل محبته وطاعته وذكره والصلاة عليه والتخلق بخلقه وهو خلق القرآن، اجعل هذا كله دأبك في كل آن وحين، لكيلا يكون له يوم واحد فقط، بل يكون في قلبك في كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة

أنوار الأمل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير