تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

انحراف في مفهوم (الوسطيَّة)

ـ[ناصر الكاتب]ــــــــ[17 - 08 - 2003, 06:50 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

في القاموس: الوَسَطُ ـ محركةً ـ: من كلِّ شيءٍ أعدله. {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: من الآية143]. أي: عدلاً خياراً.

وفي اللسان: ويقال أَيضاً: شيءٌ وَسَطٌ أَي بين الجَيِّدِ والرَّدِيء.وفي التنزيل العزيز:

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}. [البقرة: من الآية143].قال الزجاج: فيه قولان: قال بعضهم وسَطاً عَدْلاً، وقال بعضهم خِياراً، واللفظان مختلفان والمعنى واحد لأَن العَدْل خَيْر والخير عَدْلٌ.

قال عليٍّ رضوان الله عليه: «خير الناس هذا النمَطُ الأَوْسَط يَلْحق بهم التَّالي ويرجع إِليهم الغالي».

نقل الإمام البغوي ـ رحمه الله ـ في تفسيره لقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} [البقرة: من الآية143] عن الكلبي ـ رحمه الله ـ قولَه: «يعني أهل دين وسط بين الغلو والتقصير لأنهما مذمومان».

وعرَّفها الشيخُ عبد الله بن حسن آل قعود بأنها: «تطبيق شرع الله وفق منهاجه الذي وضعه لعباده بواسطة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تطبيقا عدلاً قواماً، لا غلوّ فيه ولا جفاء، ولا إفراط فيه ولا تفريط».

وبهذا التعريف تخرج الوسطية المزيفة، وهو التي اتخذ أصحابها من خليط الآراء منهاجا سموه (وسطية واعتدالا)، وانحرفوا عن الوسطية الحقة وهي الخيرية التي تتحقق بتطبيق شرع الله وفق منهاجه الذي وضعه لعباده بواسطة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم تطبيقا عدلا قواما من غير إفراط ولا تفريط.

عرفنا فيما سبق أن الوسطية تعني العدل والخيار، وأنها ما وقع بين طرفي الغلو والجفاء، والإفراط والتفريط.

ومعلومٌ أن المقصود بالغلو هو تجاوز الحد المأمور به، وأن المقصود بالجفاء هو مجافاة المأمور به وإهماله.

وعلى هذا فلا شكَّ أنَّ الوسَط المطلوب هو التمسُّك بما شرعه الله تعالى ورضيه، وليس بما استحسنته عقول البشر ورضيته نفوسهم.

فليست الوسطية معيارا بشريّا للفضائل (1) لأن تحديد معيار الوسطية والخيرية هو لله عز وجل، وحكم الله جارٍ على العدل والحكمة، وهو أعلم بمصالح عباده منهم.

وهي ليست كما يفهم بعضُ المثقفين من أنَّ (الوسَط) هو التوسّط في أمر الدين على نحو لا يغضب به أحدٌ مما يخالفك فيه، حتى ولو كان أصلاً من أصول العقيدة! (2)

والبعضُ نظر إلى ما يطرح في الساحة من آراء متضاربة، فأجرى بينها انتخابات تشبه الانتخابات الجماهيرية، فرجَّح منها ما نال أكبر رصيد من التصويت وطرح الباقي، أو رشَّح منها ما ليس بالسهل ولا العسير وجعل عقله مقياسا لتحديد ذلك من غير رجوع إلى الكتاب والسنة وأقوال صفوة الأمة السلف الصالح.

ولذا نجد من العقلانيين ـ مثلا ـ من ادعى لنفسه ومنهجه الوسطية والاعتدال، لأنه اختار منطقة الوسط بين الإسلاميين الذين يصفهم بالتشدد، وبين الملحدين. أو بين الأصولية الدينية، وبين الإلحاد.

فهو يرى أنَّ وقوعه بين طرفين متناقضين وسطيةٌ وبعدٌ عن الغلو والانحياز.

وهذا انحراف في مفهوم (الوسطيَّة).

انظر:

http://www.almeshkat.net/vb/showthr...&threadid=17092

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) ـ انظر: كتاب: (الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة) لعبد الرحمن بن معلا اللويحق، صفحة: 31 و 32

(2) ـ انظر: مقالة الأستاذ: محمد إبراهيم شقرة بعنوان (الوسطية بين الشرع والواقع) موجودة ضمن كتابه: (تنوير الأفهام إلى بعض مفاهيم الإسلام).

ـ[الفيصل00]ــــــــ[21 - 08 - 2003, 01:05 م]ـ

مشكور يا الغالي00

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير