ـ[عبدالله ابن عَبيدِه]ــــــــ[13 - 02 - 06, 03:09 م]ـ
ياجماعة الأخ عبدالله العتيبي يقول تأخرنا في القرآن ولم يقل في التفسير وعلومه أرى أنه بقصد تلاوته وحفظه ومراجعته
على كل حال هذا الظاهر من مراد شعبة رحمه الله ..
ثم من بابٍ _ أرجو أن يكون من قبيل التعاون على البر والتقوى_ أقول مُذاكِراً _ بعد الاستعانة بالله الذي لا إله إلا هو:
..... وكلمة الإمام أبي عبدالله أحمد بن حنبل أنه لم يجد ذلك من نفسه فهذا يدل على أن أئمة الحديث (لا أقول المحدثين فضلاُ عن الرواة) تختلف شخصياتهم واستعداداتهم الفطرية التي وهبهموها ربهم عزوجل فمن ثم تختلف أذواقهم وميولهم ثم تختلف اختياراتهم فتختلف أعمالهم ثم أحوالهم ..
ولهذا كان الأئمة الكبار كعبد الرحمن بن مهدي ونظرائه يفرقون بين الإمامة في الحديث والإمامة في السنة من حيث المعنى لأنهما وجد في الحس كثيراً افتراقهما، وليس هذا بدائم ولكنه الأكثر أو الكثير ..
وأما الجامعون بين الإمامتين فأفراد لا يخفَون .. راجعوا _ إن شئتم _ كلمة ابن مهدي في أصولها لتعرفوا من سماهم من الجامعين لهما ومن رأى انفراده بإحداهما ..
...... وكم يقع الغلط في هذا يظن دهماء الناس؛ بل كثير من فضلاء المتفننين في أصناف العلوم كلَّ إمام في الحديث إماماً في السنة بالمعنى الخاص لا العام المطابق أو المندرج في معنى الحديث على الخلاف في اصطلاح الناس في ذلك ..
وهذا الغلط أوهم كثيراً من الناس أن أئمة السنة يختلفون فيها، وهذا هو الباطل بعينه فإن أئمة السنة أبعد الناس عن خلافها وعن الاختلاف فيما بينهم من جهتها، فإنهم أكثر الناس علماً بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال في حجة الوداع:" تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها .. "
وأعلم الناس بوفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو قول الله تعالى:" وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون"
كما يغلط كثير من عوام المتسننة _ إذا عرض لهم خروج عن السنة بـ"نوع"جهل وهوى _ فإنهم قد يخرجون بعضَ الأعلام الكبار المعروفين بالتقدم في الحديث عن الإمامة فيه فيشاركون بهذا في التطفيف الذي نهى الله عنه ويكونون من المخسرين الذين يبخسون الناس أشياءهم، وهو من الفساد الذي نهى الله عن جنسه وأفراده في كتابه وعلى ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام.
وقد لا يشعرون بهذا لأنهم لم يفرقوا بين الإمامتين.
وتارة يكون الإشكال في التعبير فيعبر عن الحديث بالسنة وعن السنة بالحديث، وهذا إن ساغ أحياناً وفي مواضع، ففيه إجمال في الدلالة يفضي إلى الإشكال في الفهم او الإفهام.
وإذا تقرر الفرق بين الإمامتين في السنة وفي الحديث ...
فالإمام أحمد من الذين جمعوا بينهما بخلاف شعبة فإنه لا ريب في إمامته للحديث الإمامة الكبرى وأنه فيه بمنزلة أمير المؤمنين في الناس في وقته بشهادة الأئمة بذلك، ولكنه في السنة بأخص معانيها وهو المقتضي لكونه قدوة وإماماً لغيره فيها ليس من بابة أحمد ولا الأوزاعي من أهل عصره مثلاً ..
هذا مع أنه من أكابر أهل السنة في الجملة، وهذا شيء والإمامة في السنة المقتضية لكون الموصوف بها حقاً أهلاً للاقتداء به فيها شيء آخر ..
وهذا أمر لا يعرفه من لم يعرف شعبة المعرفة التامة فمن راجع ترجمته وجد أن الحديث (من حيث هو فن، ومن حيث اشتماله على أمور زائدة على الاشتغال بمحض ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) كان أغلب عليه، وهذا كان أليق به فيما يظهر وقد نفع الله به وصار قدوة لمن بعده في اتنقير عن أحوال الرواة وتحرير سماعاتهم فإنه برز في ذلك وإن لم ينفرد به في عصره ولا عمن تقدمه ..
والإمامة في الحديث هي الأشهر والأسير عند الناس .. فإن الحديث بمعناه الاصطلاحي وهو العلم المخصوص الذي فيه الاشتغال بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وبمن له به اتصال ولا سيما في النقل عنه، ولا ريب أن الإمامة المطلقة في الدين تفتقر إلى رسوخ القدم في هذا ..
¥