[سؤال:- العمل لغير الله]
ـ[أبو معاذ الكمالي]ــــــــ[16 - 07 - 09, 09:24 ص]ـ
ذكر ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب
فإن قيل فإذا تاب هذا هل يعود إليه ثواب العمل؟ قيل: إن كان قد عمله لغير الله تعالى وأقعه
بهذه النية فإنه لا ينقلب صالحا بالتوبة بل حسب التوبة أن تمحو عنه عقابه
كيف نوفق بين هذا القول وبين قول الرسول صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام أسملت
على أسلفت من خير
ـ[بو عبد الرحمن]ــــــــ[16 - 07 - 09, 10:27 ص]ـ
أخي الحبيب أبو معاذ
لا يوجد إشكال والحمد الله
إذ قول النبي صلى الله عليه وسلم (أسلمت على ما أسلفت من خير) أي ما كان من عمل صالح، ونحن نرى أن الكافر يتصدق على الفقراء ويحسن إلى الجيران ويفعل الصالحات إلا أنه ليس مؤمن بالله، فذلك الذي قال الله في حقه (إن مات على ذلك): (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا)، لكن إن أسلم ذلك الكافر فإن من عدل الله ورحمته بعباده أن لا يضيع تلك الأعمال التي عملها في جاهليته ما لم يشرك بذلك العمل نفسه مع الله أحداً، أي أن يعمله لغير الله أصلاً وتقصداً، فإن الله سبحانه قال: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)، ولذلك قال ابن القيم (نقلاً عن ما أشرت إليه): (إن كان قد عمله لغير الله تعالى وأقعه بهذه النية فإنه لا ينقلب صالحا بالتوبة بل حسب التوبة أن تمحو عنه عقابه)، قال القرطبي في تفسير الآية السابقة من سورة النساء: (فَقَالَ مُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيّ: قَدْ أَبَانَتْ هَذِهِ الْآيَة أَنَّ كُلّ صَاحِب كَبِيرَة فَفِي مَشِيئَة اللَّه تَعَالَى إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ ذَنْبه , وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ تَكُنْ كَبِيرَته شِرْكًا بِاَللَّهِ تَعَالَى. وَقَالَ بَعْضهمْ: قَدْ بَيَّنَ اللَّه تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: " إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ " [النِّسَاء: 31] فَاعْلَمْ أَنَّهُ يَشَاء أَنْ يَغْفِر الصَّغَائِر لِمَنْ اِجْتَنَبَ الْكَبَائِر وَلَا يَغْفِرهَا لِمَنْ أَتَى الْكَبَائِر.) انتهى كلامه، فإن كلامه كما قال فأقل ما في توبة المشرك أو الكافر في أعماله التي عملها مشركاً فيه مع الله أحد أن تمحو عنه عقابه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يجبُّ ما كان قبله) صححه الألباني في صحيح الجامع والإرواء، أي ما كان قبله من الشرك والكفر المحض، وبذلك تجتمع الآثار والأقوال ولا خلاف والحمد لله والله أعلم.
ـ[أبو معاذ الكمالي]ــــــــ[16 - 07 - 09, 11:22 ص]ـ
أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص
جزيت خيرا أخي الحبيب
ـ[ابوالعلياءالواحدي]ــــــــ[16 - 07 - 09, 10:31 م]ـ
الكفار اربعة:
ــ كافر مسيء ومات على ذلك
ــ كافر محسن ومات على ذلك
ــ كافر مسيء أسلم فحسن اسلامه
ــ كافر محسن أسلم فحسن اسلامه
فأما الأول فيؤاخذ بما عمل في حياته كلها، وأما الثاني فقد يعجل الله له ثواب صالح عمله في الدنيا، وليس بنافعه منه شيء في الآخرة.قال: (إنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ , وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُعْطَى بِحِسَابِ مَا عَمِلَ بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إذَا أَفْضَى إلَى الْآخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا)
ولما سألت الصديقة عائشة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن ابن جدعان وما كان يفعله في جاهليته من اعمال البر؟ قال لها: (لَا يَنْفَعُهُ إنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)
أما الثالث فيغفر له ما اساء في جاهليته بمجرد نطقه بالشهادةويستأنف العمل قال الله تعالى (قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) وقال عليه الصلاة والسلام: (الاسلام يجب ما قبله)
وأما الرابع فهو الذي في حديث حكيم بن حزام والله لا يضيع اجر من احسن عملا.
وأما استشكالك فقد أجاب عليه ابن القيم رحمه الله بقوله: (ولم يزل في نفسي من هذه المسألة: ولم أزل حريصا على الصواب فيها وما رأيت أحدا شفي فيها والذي يظهر ـ والله تعالى أعلم وبه المستعان ولا قوة إلا به ـ ان الحسنات والسيئات تتدافع وتتقابل ويكون الحكم فيها للغالب وهو يقهر المغلوبين ويكون الحكم له حتى كان المغلوب لم يكن فإذا غلبت على العبد الحسنات رفعت حسناته الكثيرة سيئاته ومتى تاب من السيئة ترتبت على توبته منها حسنات كثيره قد تربى وتزيد على الحسنة التي حبطت بالسيئة فإذا عزمت التوبة وصحت ونشأت من صميم القلب أحرقت ما مرت عليه من السيئات حتى كأنها لم تكن فإن التائب من الذنب لا ذنب له
وقد سأل حكيم بن حزام رضى الله عنه النبي صلى الله عليه و سلم عن عتاقة وصلة وبر فعله في الشرك: هل يثاب عليه؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم أسلمت على ما أسلفت من خير فهذا يقتضي أن الاسلام أعاد عليه ثواب تلك الحسنات التي كانت باطلة بالشرك فلما تاب من الشرك عاد إليه ثواب حسناته المتقدمة فهكذا إذا تاب العبد توبة نصوحا صادقة خالصة أحرقت ما كان قبلها من السيئات وأعادت عليه ثواب حسناته يوضح هذا أن السيئات هي أمراض قلبية كما أن الحمى والاوجاع وأمراض بدنية والمريض إذا عوفي من مرضه عافية تامة عادت إليه قوته وأفضل منها حتى كأنه لم يضعف قط فالقوة المتقدمة بمنزلة الحسنات والمرض بمنزلة الذنوب والصحة والعافية بمنزلة التوبة وكما أن المريض من لا تعود إليه صحته أبدا لضعف عافيته ومنهم من تعود صحته كما كانت لتقاوم الأسباب وتدافعها ويعود البدن إلى كماله الأول ومنهم من يعود أصح مما كان وأقوى وأنشط لقوة أسباب العافية وقهرها وغلبتها لاسباب الضعف والمرض حتى ربما كان مرض هذا سببا لعافيته كما قال الشاعر:
(لعل عتبك محمود عواقبه ... وربما صحت الأجسام بالعلل)
¥