هذا العالم (الأحسائي) حذّره شيخه من السلفية .. فخالفه واعتنقها .. فكذبوا عليه!
ـ[سليمان الخراشي]ــــــــ[02 - 09 - 09, 12:55 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هو الشيخ العلامة أحمد بن حسن بن رشيد الأحسائي، (وُلد عام 1155هـ تقريبًا، وتوفي عام 1257هـ)، وتتلمذ على يد أحد كبار المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب – رحمه الله – السلفية، في الأحساء: محمد بن فيروز. بل قال صاحب " السبل الوابلة " (1/ 126 - 127): " رباه الشيخ محمد بن فيروز تربية بدنية و علمية، فأقرأه في أنواع العلوم النقلية و العقلية، فبرع في الكل؛ لما له من وفور الذكاء و الفهم و شدة الحرص و الإجتهاد، ففاق رفقاءه، حتى أن منهم من تتلمذ له بإشارة شيخه ".
وكان شيخه ابن فيروز يُحذره من دعوة التوحيد أشد الحذر، إلا أن الحذر لا يغني من القدَر! كما قال تعالى عن موسى عليه السلام الذي رباه فرعون على عينه: (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوًا وحزَنًا).
فلما دخلت جيوش الدولة السعودية الأحساء، وفرّ – أو أُبعد - منها ابن فيروز وتلاميذه إلى العراق، استأذن الشيخ أحمد شيخه في المجاورة في الحرمين الشريفين؛ فأذن له، وهذا من نعمة الله عليه؛ إذ اختار المجاورة في الحرم على مرافقة شيخه، ولعل " المفاصلة الشعورية " مع المناوئين للدعوة بدأت عنده منذ هذا الموقف الملفت، والله أعلم.
وقبل مفارقة شيخه أوصاه ابن فيروز– كما يقول ابن حميد – " بوصايا، منها قوله:
احذر تُصَب بعارض
من محقِ أهل العارض "!
يقصد أهل الدعوة السلفية (والعارض إقليم يشمل عدة مدن، منها: الدرعية).
إلا أن هذا التحذير لم يمنع الشيخ أحمد من التعرف على مبادئ الدعوة السلفية عندما دخلت مكة والمدينة في حكمها؛ فوفقه الله تعالى لاعتناقها، وقَبول الحق الذي جاءت به - ولله الحمد -.
وهذا مما لايرضاه المناوئون، إذ كيف يُربى على أعينهم؛ ثم تكون هذه خاتمة مطافه! ولهذا زعم أحدهم كذبًا وزورًا أنه إنما اعتنق دعوة التوحيد مصانعة وتُقية! يقول ابن حميد في " السحب الوابلة " (1/ 129): " فما أمكن الشيخ إلا المصانعة معهم، والمداراة لهم، والمداهنة خوفًا منهم، و رجاء نفع الناس عندهم بجاهه، فأقرأ كتبهم، وقام معهم؛ فبجّلوه و رأَسوه؛ لاحتياجهم الشديد إلى مثله، لتقدمه في العلوم، ومعرفته بمذهب الإمام أحمد .. ".
قلتُ: وهذا من أكاذيب ابن حميد، الذي أغاظه اعتناق العلامة ابن رشيد لمبادئ الدعوة السلفية، فحاول إيهام القراء بغير الحقيقة.
والعجيب أنه ناقض نفسه، فقال في نفس الترجمة متحدثًا عن خروج أنصار الدعوة من المدينة: " فلما انقضت مدتهم، وهربوا، هرب معهم، وتردد بينهم و بين الوزير إبراهيم باشا بن محمد علي باشا في الصُلح، فما تم له، ولامه إبراهيم باشا في الخروج معهم عن المدينة المنورة؛ فاعتذر بأعذار واهية، فعرض عليه أن يرده إلى المدينة كالمجبَر في الظاهر، وهو طيب النفس في الباطن، وإن نُسب إلى الغدر بإمساك الرسول؛ فأبى، وقال: لا أفارقهم إلا إذ انغلبوا؛ فأغضب الباشا ذلك، ولما أخذ بلادهم أمسكه وعذبه أنواع العذاب ".
ولهذا رد غير واحد من العلماء كذب ابن حميد.
فقال الشيخ سليمان بن حمدان – رحمه الله – في ترجمة أحمد بن رشيد من كتابه " تراجم متأخري الحنابلة " (ص 49) تعليقًا على ماذكره ابن حميد: " هذا بعض ماذكره صاحب السبل الوابلة في ترجمته .. ولا شك أن هذا تحامل من المترجِم، وإلا فصاحب الترجمة قد تبين له صحة دعوة الشيخ، ولذا لم يُجب الباشا إلى طلبه، ولو كان كما ذكر عنه، أنه أظهر الموافقة ظاهرًا، وهو بضد ذلك، لكان يجيبه إلى طلبه، ويكون ذلك أحب ما إليه، ولترك مصانعة الإمام سعود ومن معه، ومداراتهم، ومداهنتهم، كما زعم؛ لأنه لا حاجة تدعو إلى ذلك، وهذا لا يُظن بصاحب الترجمة، بل قد شرح الله صدره للحق، ووافق ظاهرًا وباطنًا، فلهذا ناله ماناله من الأذى في الله، فرحمه الله ورضي عنه ".
¥