وكان ينسب إليه سيئ الإنكار على أكثر الأولياء الكبار، وأنه وهابي العقيدة وله فيها وله ومحبة شديدة، وأنه دعا إليها سليمان باشا، وملأ من علل الخروج على الدولة أهابه فخرج عليها، ولم يرسل شيئاً من خراج العراق إليها، فأثارت عشائر الأكراد وبعض الأعراب عليه، فتوجهوا في معية رئيسهم الداهية الهماء إليه، فخرج لقتالهم إذ قربوا من سور الزوراء، وقابلهم بجنود تغبر غيظاً من كثرتهم وجوه نجوم الخضراء حتى إذا التقى الجيشان، واعتدل الصفان، خانه رؤساء العسكر فبقي مع مثل عدة الأصابع ففر، ومر فاراً على قبيلة الدفافعة، فقطعوا عنه ماء الحيوة، وسدوا عنه مشارعه.
والإنصاف أن السويدي لم يسود قلبه بعقائد جهلة الوهابية (1)، وإنما عقده على العقائد السلفية الأحمدية ولعمري ولا حاجة إلى اليمين، أن ذلك ظاهر من درر كتابه العقد الثمين، وأن خروج ذلك الوزير إنما جر إليه أمر آخر لسوء التدبير.
وبالجملة كان ذلك الشيخ من كبار المتبعين وحاشاه ثم حاشاه أن يكون من المبتدعين.
(1) لم نعلم لماذا قال الإمام الآلوسي هذا الكلام مع إطلاعه على كتاب العقد الثمين , فهذا الكتاب فيما نعلم ليس مخالفا لما جاء به الإمام محمد بن عبدالوهاب , فإما أن الآلوسي رأى ما لم نرى وسمع ما لم نسمع , أو كانت الصورة مشوهة عنده بسبب أعداء التوحيد في ذلك الزمان , والظاهر أن هذا أقرب.
2 - قال العلامة أبو المعالي محمود شكري بن عبدالله الآلوسي في كتابه المسك الأذفر (ص73):-
نال مزيد القرب عند الوزير الكبير سليمان باشا الصغير حتى إنه لم يكن يصدر إلا عن رأيه , ويرى إرشاد غيره عين غيه , فلم يتغير عن أخلاقه الحسان , وحسن معاملته للعوام والأقران , قرأ على والده وعلى عمه أبي الخير الشيخ عبدالرحمن السويدي وعليه تخرج فدرس ووعظ وأفاد ونشر الفضل وأجاد.
3 - قال الكتاني في فهرس الفهارس (2\ 1008):-
وكان أكثر إقامة النور السويدي بدمشق، وورد على بغداد آخر عمره.
- وفاته:-
توفي بدمشق في ليلة الخميس السابع والعشرين من رجب سنة 1237 هـ وكان يقرأ قي سكرات الموت قوله تعالى {أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا} إلى أن أذن المؤذن لصلاة المغرب فترك قراءته والتزم إجابته فبعد إتمام الشهادتين أجابت روحه داعي الله ثم غسل وكفن وبقي إلى الصباح فصلي عليه ودفن بسفح جبل قاسيون المطل على دمشق فرحمه الله رحمة واسعة.
- عن كتاب العقد الثمين:-
- أجمع كل من ترجم للمؤلف على ذكر كتاب العقد الثمين في بيان مسائل الدين من مؤلفاته.
- قال العلامة المفسر أبو الثناء محمود الآلوسي عن الكتاب:- عقده على العقائد السلفية الأحمدية ولعمري ولا حاجة إلى اليمين أن ذلك ظاهر من درر كتابه العقد الثمين.
- قال حفيده العلامة أبو المعالي محمود شكري الآلوسي:- وله من المؤلفات (العقد الثمين) في العقائد السلفية وهو كاسمه حيث حوى الفوائد الجلية.
- قال الشيخ عبدالرزاق البيطار:- وله تأليفات مفيدة ورسائل عديدة، ومن أجلها كتاب " العقد الثمين في بيان مسائل الدين " وقد شرحه ولده الفهامة محمد الأمين.
- ذكر المؤلف رحمه الله تعالى أنه فرغ من تأليف هذا الكتاب في 14 رجب سنة 1214 هـ.
- طبع هذا الكتاب طبعتين , الأولى سنة 1325 هـ بالمطبعة الميمنية بمصر , والثانية بكردستان.
- قام ابن المؤلف وهو العلامة الشريف أبو الفوز محمد الأمين بالشرح والتعليق على كتاب والده وسماه التوضيح والتبيين لمسائل العقد الثمين وقد طبعت مع الكتاب.
- أكثر اعتماد المؤلف رحمه الله في هذا الكتاب كان على كلام أهل العلم فقد بلغ عدد النقولات 125 نقلا من 65 كتابا , وممن نقل عنهم ابن تيمية وابن القيم , وكانت أكثر نقولاته عن الشافعية لأنه منهم.
- قد نقل من هذا الكتاب عدد من أهل العلم في كتبهم ورسائلهم , فمن هؤلاء:-
1 - العلامة عبدالرحمن بن حسن بن محمد بن عبدالوهاب فقد نقل في رسالة له عن الهجرة خمس صفحات من هذا الكتاب كما في الدرر السنية (10\ 300).
2 - العلامة نعمان بن محمود الآلوسي في كتابه جلاء العينين (1\ 489) فقد نقل الكلام عن الاستغاثة كاملا , ونقل أيضا في كتابه الآيات البينات (ص77) كلام المؤلف عن الأرواح.
3 - العلامة أبو المعالي محمود شكري الآلوسي في كتابه غاية الأماني في الرد على النبهاني (1\ 256) فقد نقل أيضا كلامه عن الاستغاثة.
- عملنا في هذا المختصر:-
قمنا باختصار الكتاب اختصارا غير مخل بمقصد الكتاب وهو بيان مسائل الدين , ويشكل هذا المختصر تقريبا من ربع إلى ثلث الكتاب , والأمور التي قمنا باختصارها هي:-
1 - النقولات التي ينقلها المؤلف تأييدا لكلامه.
2 - حكاية الخلاف في بعض المسائل.
3 - الرد على أدلة وشبه المخالفين.
4 - بعض المسائل الكلامية.
5 - الاستطردات في بعض المسائل.
6 - الغالبية العظمى من تعليقات ابنه الشريف أبو الفوز.
- أهداف الاختصار:-
1 - حتى يطلع الناس بصفة عامة وبنو هاشم بصفة خاصة وبنو العباس بصفة أخص على عقيدة هذا الإمام العباسي الهاشمي الجليل.
2 - إكمال لمشروعنا في تبيين عقيدة آل البيت بصفة عامة وعقيدة بني العباس بصفة خاصة والذي بدأناه بكتابنا عقيدة بني العباس وحمايتهم للدين والعقيدة والسنة.
3 - حتى يكون مختصرا يبين عقيدة السلف في أغلب الأبواب بيسر وسهولة واختصار.
4 - الرد على من زعم أن عقيدة السلف في التوحيد هي عقيدة نجدية وهابية حنبلية فهذا عباسي هاشمي شافعي بين بغداد ودمشق ولا يعلم له أي دراسة أو اتصال بنجدي.
فنسأل الله عز وجل أن ينفع بهذا المختصر , وأن يجعله خالصا لوجه الكريم , وأن يجعله في موازين حسناتنا وحسنات المؤلف وكل من ساهم في نشره , آمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه عبدالمحسن وعبدالإله ابنا حاتم بن أحمد العباسي - جدة - 6\ 8\1430 هـ