والمأمول من الشيخ القرضاوي أن يفتح قلبه ويشرح صدره لإخوانه أهل السنة والجماعة, وأن يطالع تراثهم بموضوعية وبلا مقررات سابقة, فالشيخ القرضاوي قد خاض غمار حياة حافلة بالمكتسبات والابتلاءات والتجارب, وأعقب ذلك مرونة ظاهرة, وانفتاحاً في غاية الاتساع, كما في مواقفه من الأنظمة والغرب .. وإخوان القرضاوي وأبناؤه من أهل السنة والجماعة هم أحق وأولى بهذا الانفتاح والتواصل!
• ويقرر الشيخ القرضاوي أن منهج القرآن عدم تجميع نصوص الصفات في نسق واحد, إذ قد يوهم التركيب والتجسيم - على حدّ دعواه -.
وهكذا فإن "كابوس" التشبيه قد استحوذ على القرضاوي, فظن أن هذا الإثبات يعدّ تجسيماً .. وما أجمل ما قاله أبو الحسن الأشعري لأبي علي الجبائي (المعتزلي): كأن القرآن قد نزل بلغة جبّاء! والقرضاوي يريد أن يجعل القرآن وفق "مقررات" الأزهر وعقائد البنا! وكما قال ابن تيمية: المعتزلي يجعل القرآن معتزلياً, والرافضي يجعله رافضياً .. وهكذا.
وهل إذا تمّ التفريق - بناء على قاعدة القرضاوي - يزول محذور الشبيه؟!
ها أنتم تزعمون التمثيل والتشبيه في أكثر نصوص الصفات وهي مفرّقة في القرآن ومع ذلك أعملتم التأويل المذموم, والتفويض والتجهيل!
وها هو صاحبكم البيهقي - رحمه الله - جمع ما يتعلق بالصفات في كتابه الشهير (الأسماء والصفات) ثم أعقبها بتأويلات المتكلمين كابن فورك وأشباهه والمقصود أن محذور (الجمع) و (التفريق) ليس مؤثراً عندكم, فأنتم عازمون وماضون في التأويل أو التجهيل سواء اجتمعت النصوص أو افترقت!
وبالجملة فهذه القاعدة المتهافتة من "جراب" القرضاوي فلا دليل عليها, وليس له سلف في ذلك.
والمقصود أن حشد نصوص الصفات الثابتة والصريحة يحقق إقراراً بمعانيها, وفهماً لدلالتها, وهذا لا يروق لأرباب التفويض والتأويل! وكذا فإن نَفَس التفويض قد أحكم قبضته على القرضاوي حتى أنه أورد نقلاً جلياً في إثبات الصفات لعثمان الدارمي, فزعم أنه تفويض!!
ومن تقريرات السلف الصالح في بيان أن معاني الصفات معلومة وليس مجرد مذهب ابن تيمية وابن القيم كما يظن القرضاوي, ماقاله شيخ الإسلام الصابوني (ت449هـ): "ينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها, فيعظموا الله حق عظمته, ولو أراد رجل أن يعامل رجلاً طلب أن يعرف أسمه وكنيته, واسم أبيه وجدّه, وسأل عن صغير أمره وكبيره, فالله الذي خلقنا ورزقنا ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها" الحجة في بيان المحجة 1/ 22.
• وأما مقدمة وهبي غاوجي، فهي تحكي إفلاس المذكور, فما جدوى مقدمة يكتبها "الشيخ العلامة. "وهي مجرد استلال نقول من مريده سيف (العصر)؟! فهل (القول التمام) ألحق بغاوجي عيّاً فاقتصر على الترداد والنقل الحرفي عن التلميذ, اللهم إلا أن غاوجي زعم قائلاً: "لقد أخطأ رجل من القرن السابع تصور التفويض؟! "
وهل بلغ بغاوجي الحنق على ابن تيمية فلا يذكر اسمه! وإنما "رجل في القرن السابع!! " فهل هذا من الإلغاز والتعمية والذي يتفق مع مذهب القوم وما فيه من تلوّن وتجهيل!
أم هو الاحتقار والازدراء لإمام الدنيا, وناصر السنة, وواراث علم النبوة شيخ الإسلام ابن تيمية؟! ومع ذلك فغاوجي ينقل عن السبكي, ما ظاهرة تكفير ابن تيمية, ويؤيده! كما في كتابه أركان الإيمان ص298 (انظر منهج الأشاعرة في العقيدة ص135).
إنها حماقة مكشوفة ومكابرة للبديهيات لا تسترعي تطويلاً .. لكنه النَفَس البدعي والذي يحاكي سبيل الباطنية, حيث يقول أبو حاتم الباطني "إن من جملة المجسِّمة قوماً يقال لهم المالكية, ينسبون إلى رجل يقال له: مالك بن أنس, وقوماً يقال لهم الشافعية, ينسبون إلى رجل يقال له: محمد بن إدريس". انظر: منهاج السنة 2/ 106, وشرح الطحاوية 1/ 86.
• وأما مقدمة أ. د. حسن الأهدل ففيها تناقض فاضح, إذ يردد صاحبها أن التفويض هو عين مذهب السلف ثم ينقض ترداده قائلاً "وما يسعنا في هذا الباب إلا أن نقول مثل ما قال سلفنا الصالح" الاستواء معلوم, والكيف مجهول ... "، "فالمذكور يحتج بما يبطل مذهبه! قال تعالى: {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18] قالوا: هي المرأة لا تتكلم بحجة لها إلا كانت عليها.
¥