تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمن يقول بهذه البدعة فهو كاذب مفتر، قد أزرى بالمهاجرين والأنصار، وعقابه الجلد حداً على فريته وكذبه. وكما قال خليفة المسلمين وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه -: "لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلاَّ جلدته حد المفتري" [118] وكان يقول: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر" [119] وسأل محمد بن الحنيفة أباه علياً فقال: "أيُّ الناس خير بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان، قلت: ثمَّ أنت؟ قال: ما أنا إلاَّ رجل من المسلمين." [120] ولا ريب أنَّ خير الصحابة هم أهل بدر، وخيرُ أهل بدر هم العشرة، وخير العشرة الأئمة الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ – رضي الله عنهم أجمعين -. وهذا هو ما عليه جمهور أهل السنَّة، قال ابن عمر: "كنا نخير بين الناس في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – فنخير أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان – رضي الله عنهم –" [121] وفي رواية أخرى قال: "كنا في زمن النبي – صلى الله عليه وسلم – لا نعدل بأبي بكر أحداً، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب النبي لا نفاضل بينهم." [122]

وهذا هو ما عليه الإمام أبو حنيفة – رحمه الله – حيث قال: "وأفضل الناس بعد النبيين – عليهم السلام الصلاة والسلام – أبو بكر الصديق ثم عمر بن الخطاب الفاروق ثم عثمان بن عفان ذو النورين ثم عليّ بن أبي طالب المرتضى – رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -. عابدين ثابتين على الحق ومع الحق نتولاهم جميعاً" [123] وقرَّر هذا الطحاوي في بيان اعتقاد أهل السنَّة والجماعة على مذهب أبي حنيفة وصاحبيه حيث قال: "ونثبت الخلافة بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أولاً لأبي بكر الصديق – رضي الله عنه -؛ تفضيلاً له وتقديماً على جميع الأمة، ثم لعمر بن الخطاب – رضي الله عنه -، ثم لعثمان بن عفان – رضي الله عنه -، ثم لعليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه -، وهم الخلفاء الراشدون والأئمة المهتدون." [124]

وكان بالكوفة من رؤساء الشيعة محمد بن عليّ بن نعمان بن أبي طريفة البلجي الكوفي، والذي لقبه أبو حنيفة بشيطان طاق نسب لسوق طاق المحامل بالكوفة [125]. وإليه تنسب الشيطانيَّة من فرق الشيعة، جمع بين بدعة التشيع في الإمامة والقول إنَّ الله لا يعلم الشر قبل أن يكون. وكان يروي حديث رد الشمس لعلي فهو حديث منكر مضطرب، فلفظه هو: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوحى إليه ورأسه في حجر عليّ – رضي الله عنه – فلم يصل العصر حتى غربت الشمس فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: اللهم إنه كان في طاعتك وطاعة رسولك فرد عليه الشمس قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعدما غربت" [126] فلذلك كان بين شيطان طاق وأبي حنيفة مناظرات عديدة في فضائل عليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه -، أحدها في أمر حديث رد الشمس، وقد أورد تلك المناظرة ابن تيمية في مناهج السنَّة [127] وفيها: "أن أبا حنيفة لقي محمد بن نعمان فقال أبو حنيفة: عمن رُوِّيت حديث رد الشمس؟ فقال: عن غير الذي رويت عنه يا سارية الجبل" قال ابن تيمية على إثرها: "هذا يدل على أن أئمة أهل العلم لم يكونوا يصدقون بهذا الحديث، فإنه لم يروه إمام من أئمة المسلمين. وهذا أبو حنيفة أحد الأئمة المشاهير، وهو لا يتهم علياً فإنَّه من أهل الكوفة دار الشيعة، وقد لقي من الشِّيعة وسمع من فضائل عليّ ما شاء الله، وهو يحبه ويتولاه ومع هذا أنكر هذا الحديث على محمد بن النعمان، وأبو حنيفة أعلم وأفقه من الطحاوي وأمثاله ولم يجبه النعمان بجواب صحيح إلى أن قال: فأبو حنيفة لا ينكر أن يكون لعمر وعليٍّ وغيرهما كرامات، بل أنكر هذا الحديث للدلائل الكثيرة على كذبه ومخالفته للشرع والعقل" [128].

وتناظر كذلك بمن هو أحق بالخلافة والأرشد بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – فأجاب الإمام أبو حنيفة بما حيره فأسكته حيث قال له: "نحن نقول كان الحق للصديق، فسلم عليّ – رضي الله عنهما – الحق له فكان من أشد الناس، وأنتم قلتم: كان الحق لعليّ فأخذه الصديق بقوة فكان الصديق أشد الناس حيث أخذ منه حقه بقوته بلا تسليم" [129]، فلأجل كذب وتمويه طائفةٍ من الشيعة رد الإمام أبو حنيفة شهاداتهم فلا يجيزها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير