لا ترغبن عن الحديث وأهله ... فالرأي ليل والحديث نهار
ولربما جهل الفتى أثر الهدى ... والشمس بازغة لها أنوار
ورحم الله من قال:
فهذا الحق ليس فيه خفاء **** فدعك عن بنيات الطريق
والموضوع الذي بين يدي والذي أعد هذا البحث من أجله ومن أجل تبيانه وأرجو الله أن يوفقني لما يحب ويرضى من القول والفعل.
لطالما سمعنا كثيراً من الناس بل من طلاب العلم وطلاب المعاهد يتناقشون في هذا الأمر وهو أين الله عز و جل؟
فمنهم من ينكر هذا السؤال برمته ويقول لك لا يجوز أن تسأل هذا السؤال، ومنهم من يقول لا أعرف أوقد حرت فيه وتهت فيه, ومنهم من يجيبك بأن الله في كل مكان، وهذا ما سمعه من مشايخه، ومنهم من يقول لك أن الله في السماء تبارك وتعالى.
وإليك الجواب الشافي في هذه القضية الذي يبعدك عن الشك والحيرة والوقوع في الغلط متمثلاً ذلك بكتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ونهج السلف الصالح.
بداية: إن هذه القضية قد تم التنازع فيها وما السبيل لحل هذا التنازع؟
أقول وبالله التوفيق:
نحن نتّبع من كان قوله متفقاً مع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد أخبرنا الله عز وجل ماذا نفعل إن تنازعنا في شيء أو اختلفنا في شيء وهذا هو الحل {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} وقال تعالى: {ومن يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً}.
وقال أيضاً: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليماً}.
وقال جل ذكره: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
فهذه الآيات وغيرها من الآيات تدل على أمر واحد وهو أننا إذا تنازعنا في شيء فلنحكّم فيه كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وقول صحابة رسول الله وقول السلف الصالح الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم من أفضل الناس. فماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وماذا قال سلف هذه الأمة في القضية، هي لم تكن قضية يتنازعون فيها لأنهم كانوا متفقين على قول، ولكن نشأ النزاع عندما أتت كتب المنطق وعلم الكلام وترجمت إلى العربية فأخذ الناس بالتأويل، فبدأ الواحد منهم يفسر ويتأول ويصول ويجول في آيات الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لا يقف على كلام السلف في ذلك فيقوم ويجتهد!!
أين الاجتهاد يا أخي إذا كان هناك نص، والقاعدة المعروفة في الأصول (لا اجتهاد في مورد النص)!!.
فالصحابة والتابعين لهم، كانوا أقرب زماناً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأثبت إيماناً وأصدق كلاماً وأقوى عقيدة وأحسن فهماً وتأويلاً فهل نأتي ونتكلم في أمور قد تكلموا بها وشرحوها لعامة المسلمين وأئمتهم فهل هم أرسخ في العلم أم نحن؟!
كل هذه المقدمة هي للوصول للجواب الشافي إن شاء الله وهو ((أن الله في السماء)) وهو جواب أهل السنة والجماعة والسلف الصالح ولبّ الكلام هو أن المقصود بكلمة (السماء) يراد بها العلو والسمو, أي أن الله في الأعلى ولا يراد التحجيم والتحييز، وحاشا لله أن يكون كذلك فالله عز وجل لا سماء تظلّه أو تقلّه وهذا مخالف للعقل والفطرة، ويجوز أن يكون لفظ (في) بمعنى لفظ (على) ودليل ذلك قوله تعالى: {فسيحوا في الأرض} وقوله: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} والمعنى على الأرض وعلى الجذوع لا فيها، ومن سمع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام السلف الصالح وجد فيه إثبات الفوقية مالا ينحصر, وسيأتي ذكرها بعد قليل من آيات وأحاديث وكلام للسلف بهذا الخصوص, ومما لا ريب فيه ولاشك أن الله تعالى لما خلق عباده لم يخلقهم في ذاته المقدسة تعالى الله عن ذلك فهو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، فتعين أنه خلقهم خارجاً عن ذاته، ولو لم يتصف سبحانه بفوقية الذات مع أنه قائم بنفسه غير مخالط للعالم بائن عن خلقه لكان متصفاً بضد ذلك، ونحن نعلم أن القابل للشئ لا يخلو منه أو من ضده، وضد الفوقية السُفول وهو مذموم على الإطلاق لأنه مستقر إبليس وأتباعه من الجنود.
ونحن نعلم أن صفة العلو والفوقية صفة كمال لا نقص فنفي حقيقة العلو يكون عين الباطل.
نصوص إثبات العلو من الكتاب والسنة:
¥