ـ[مصطفى الفاسي]ــــــــ[19 - 11 - 04, 11:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
- إن المجامع اللغوية، تقر الألفاظ الشائعة على ألسنة الناس من باب التسهيل، ولكن هذه الطريقة سوف تجعل كثيرا من الألفاظ الشاذة والركيكة عند المتقدمين - الذين هم الأصل والحجة في اللغة العربية وخصوصا الشعر الجاهلي بعد القرآن الكريم - مقبولة وسارية المفعول بمجرد أن العامة من الصحافيين وغيرهم يستعملونها، وهذا سوف ينتهي باللغة العربية إلى ما انتهت إليه اللغات الأخرى من موت عديد من المصطلحات القديمة الفصيحة عندهم.
- ثم إن المتقدمين أصحاب اللغة العربية ومؤسسيها هم الحجة على من بعدهم، وقولهم هو المقدم لا العكس، وإن كنا سلفيين فلنكن كذلك في لغة القرآن من باب أولى، التي ينبغي أن نرتقي إليها بفصاحتها وبلاغتها، ونُرقيَ إليها أبناءنا، لا أن نقدم لغة ضعيفة في المعنى والمبنى إلى الأجيال فتضعف قدرتهم على فهم كتاب الله وكتب أهل العلم فيضيع الدين وأصحابه.
- وهذا قد لمسته في الغرب الذي أعيش فيه، حتى إن أجيالنا لا يقرأون العربية إلا قليلا، لقلة المدارس العربية، وعدم أهلية المعلمين اللغوية فيها إلا من رحم ربي، وقلة إحساس الآباء بالمسؤولية، مما سوف يفضي إلى مكتبات متناثرة هنا وهناك من غير قراء، والله المستعان.
- ولهذا علينا أن نحيي حب لغتنا تفعيلا ومسايرة لهذا الكم الهائل من مستجدات ومتطلبات هذا العصر بكل تعقيداته،
- وإن كان للمجامع اللغوية من دور، فليكن في
1. تصحيح الأخطاء الشائعة على ألسنة الناس،
2. إجياد المصطلحات المناسبة للمسميات الحسية الجديدة ك: الكمبيتر (عاقول كاقتراح) والمايكرفون، والاستوديو، و ...
3. إيجاد المصطلحات المناسبة للمسميات المعنوية: ك: الخصخصة، الخوصصة، الفِكرانية كاقتراح للآيديولوجيا، الأخطوطة كاقتراح للاستراتيجية، والاستخطاط كاقتراح بدلا من (التخطيط الاستراتيجي)، ومصطلحات النمذجة والعصرنة والشرعنة التي هي في غاية من الجمال والدقة.
- ولذلك أقول على سبيل المثال:
جريح يستوي فيه المذكر والمؤنث على الأصل لأنها بمعنى مجروح
قتيل يستوي فيه المذكر والمؤنث على الأصل لأنها بمعنى مقتول
حبيب يستوي فيه المذكر والمؤنث على الأصل لأنها بمعنى محبوب
وإن قال قائل: حبيبة، وقتيلة
نقول يجوز (على ما أقره المجمع لوجود بعض من قال بذلك من المتقدمين) لكن الإبقاء على الأول أفصح، وهكذا
عفوا عن الإطالة
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[20 - 11 - 04, 09:30 ص]ـ
أيها الألمعي الأريب الأديب مصطفى الفاسي: السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
أخي العزيز: كنت أظنك هناك عند جبل (زلاغ) في رحاب فاس العامرة، فإذا بك في بلاد الغربة، أعانك الله عليها، ما أشد وطأتها.
أخي الحبيب: كان حقا علي إذ نقلت بعض تلك التصحيحات اللغوية، أن أنقل رأي مصححها، وأبين غرضه من صنيعه ذاك، وهذا ما سأفعله بعد تعليقك المتقدم، فتحمل معي طوله فهو مهم، وصبرا أهل الحديث في مجال العلم صبرا، فاسمعه – بارك الله فيك – إذ يقول – حفظه الله –:
وهذا الكتاب أردت منه أن يعيد محاكمة طائفة كبيرة من كلمات وصيغ أدينت ظلما بالمخالفة والخطأ، ويفتح للغتنا بابا للتطور والامتداد، ويحرر الكتاب والأدباء من سيف سلط عليهم بلا وجه حق، ويفرج عن كلمات وصيغ ظلت زمنا حبيسة وراء قضبان التخطئة، حتى قيض الله لها من يفك قيدها، ويطلق سراحها، ويرد إليها اعتبارها من علماء أجلاء، وأئمة فضلاء، ومؤسّسات لغوية رسمية يقف في مقدمتها شامخا عملاقا مجمع اللغوية بالقاهرة.
ثم بعد أن ذكر الفاضل منهجه في ذكر أقوال المخطئين والمصححين، قال:
ولا بد لي في هذا المقام أن أشير إلى ثلاثة أمور لأهميتها:
الأول: أن هذا الكتاب ليس تسويغا لأخطاء لغوية شائعة، و لا إقرارا باللحن وما انحرف عن أصول اللغة، إذ لست مع مقولة (خطأ شائع خير من صواب مهجور) وأومن بأن الخطأ اللغوي الحقيقي آفة تجب مقاومتها، وعلة نصيب اللغة بالضعف، والتهاون في علاج المرض نذير باستفحاله، وقد يهدد المريض بالموت.
¥