تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[06 - 06 - 05, 10:39 م]ـ

اسم "الله"مشتق ام غير مشتق.

البحث هنا يتضمن مسألتين:

1 - اسم "الله" مشتق أم غير مشتق؟.

2 - على القول بالأول من أي مادة كان الاشتقاق؟.

قبل التفرغ لهذا المبحث الصرفي يجدر بنا أولا ان نحقق معنى الاشتقاق ونزيل شبهة من الطريق:

زعم قوم أن الكلام على اشتقاق اسم "الله" محال, والقول بأنه غير مشتق ضرورة عقلية ,ووجه الضرورة أن الاشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه سبحانه قديم لا مادة له فيستحيل الاشتقاق.

رد ابن القيم على هذه الشبهة في بدائع الفوائد:

" .. ولا ريب أنه ان اريد بالاشتقاق هذا المعنى فهو باطل ولكن من قال بالاشتقاق لم يرد هذا المعنى ولا ألم بقلبه وانما اراد انه دال على صفة له تعالى وهي الالهية كسائر اسمائه الحسنى من العليم والقدير فانها مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة والقديم لا مادة له فما كان جوابكم عن هذه الاسماء كان جواب من قال بالاشتقاق في الله تعالى ثم الجواب عن الجميع أنا لا نعني بالاشتقاق الا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله وتسمية النحاة المصدر والمشتق منه أصلا وفرعا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر وانما هو باعتبار أن احدهما متضمن للآخر وزيادة فالاشتقاق هنا ليس هو اشتقاقا ماديا وانما هو اشتقاق تلازم يسمى المتضمن فيه بالكسر مشتقا والمتضمن بالفتح مشتقا منه ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى."

يفهم من كلام ابن القيم رحمه الله أن الاشتقاق ليس له بعد زمني وجودي فقول اللغوي" هذا مشتق من ذاك" لا يعني البتة أن الاول سابق للثاني فى الوجود فيكون علة له , أو أن الثاني متأخر فى الزمان عن الأول. بل يعني الاسبقية المنطقية التي ينظمها الذهن من قبيل اسبقية البسيط على المركب والسهل على الصعب الخ ...

ولمزيد من التوضيح للمسألة نشير الى أمر قريب مماثل وهو

ما يقصده أهل الصرف من باب "الابدال والاعلال":فقد وضح تمام حسان فى كتابه 'اللغة العربية معناها ومبناها" المقصود الحقيقي قائلا:

"قد يبدو للقاريء من أول وهلة أن هذا العنوان يحمل فى طيه زعما بأن العرب كانوا ينطقون شيئا ثم ابدلوا به شيئا آخرأو أعلوه. وهذا الظن أبعد ما يكون عن الصواب فالتقابل هنا ليس بين مستعمل قديم متروك ومستعمل جديد منطوق.وإنما التقابل كما ذكرنا من قبل هو بين ما يقرره النظام وما يتطلبه السياق أي بين القواعد الصوتية وبين الظواهرالموقعية."انتهى.

وكذلك الشأن فى ظاهرة الاشتقاق فلا يعني ان العرب تكلمت أولا بالمصادر فقط ثم اهتدت بعد ذلك- او اضطرت- الى صنع كلمات أخرى بالاشتقاق ... فيكون الاصل والفرع زمنيا على غرار الأبوة والبنوة. كلا. بل تكلمت العرب بالمصادر والافعال والحروف والضمائر وغيرها فى كل وقت ... ثم جاء اللغويون والنحاة وحاولوا ان يكتشفوا نظاما معقولا للغة العربية فافترضوا تصنيفات الى اصول وفروع تسهيلا لبناء النظام اللغوي وفق تدرجات عقلية ولم يكن يخطر ببالهم الترتيب التاريخي لمقولات اللغة.

بعد هذا الاستطراد نعود الى المقصود:

1 - اسم "الله" مشتق ام لا.

ذهب فريق من أهل العلم-يصفهم ابن حيان بالأكثرين- الى أن اسم "الله" مرتجل غير مشتق.

وانقسموا الى طائفتين:

-من قال اسم "الله" مرتجل فى العربية.

-ومن قال اسم "الله" دخيل على العربية.

فقيل إن أصله "لاها"بالسريانية-وهو رأي غريب عند ابن حيان-

وقال "ابو زيد البلخي":هو أعجمي ,فإن اليهود والنصارى يقولون "لاها"وأخذت العربية هذه اللفظة وغيروها فقالوا "الله".

وهذا الرأي غير دقيق فاليهود لسانهم عبراني. والعبرية والعربية شقيقتان متفرعتان عن اللغة السامية الأم. فالراجح أن اسم "الله"-وهو من الاسماء البالغة الاهمية-كان موجودا فى اللغة الأم ثم انحدر الى الفرعين بتحريف قليل كما هو العادة. وحسب معرفتي -والخطأ جائز-فالعبرية تستعمل كلمة "الوهيم"وهي صيغة جمع .. واليهود يقرؤونها "أدوناي" أي السيد تحاشيا للكلمة المكتوبة التي تحمل معنى شركيا لأن معناها الحرفى الآلهة.

وهذا من عجيب التحريف عندهم:يكتبون شيئا وينطقونه شيئا آخر. ولو قيل لهم لم لا تزيلون رسم "الوهيم" نهائيا من التوراة وتثبتوا مكانها "أدوناي"؟ لقالوا لا نجرؤ على تغيير كلام الله!!!! "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير