تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[02 - 12 - 05, 06:58 م]ـ

3 - أما الاعتراض الثالث الذي يرى أن كون "الله" خبرا لا يتفق مع كونه مستثنى بسبب التدافع بين المعنين (كونه مستثنى يلزم منه مباينة المستثنى منه, لأنه لا يستثنى الشيء من نفسه ,بل من غيره.وكونه خبرا يقتضي عدم مباينته للمبتدأ, لما تقرر من ان الخبر هو المبتدأ في المعنى, وإن اختلف لفظاهما) فالجواب عنه:

لا نسلم أن اسم "لا" هو المستثنى منه. واختيارنا إعراب اسم "الله" خبرا يجعل الاستثناء مفرغا , والمفرغ -كما هو معروف –هو الذي لم يكن فيه المستثنى منه مذكورا: وقد تقرر أن أداة الاستثناء "إلا" إذا توسطت بين المسندين (بين الفعل المسند والاسم المسند إليه كالفعل والفاعل, أو بين الاسم المسند والاسم المسند إليه كالمبتدأ والخبر) كان الاستثناء مفرغا ,فتكون "إلا" موجودة بمعناها فقط ولا تأثير لها إعرابيا ,أي لا تعمل شيئا ولا تمنع غيرها من العمل. فما قبلها عامل في ما بعدها , وما بعدها مخرج من مقدر قبلها. وما بعدها له حالتان:

-حالة إخراج.

-وحالة معمولية.

فهو بالنسبة للضمير الذي في الخبر المحذوف مستثنى ومخرج (كذا قال الدسوقي والأولى أن يقول المستثنى منه المحذوف لأن الخبر لم يحذف بل هو ما بعد "إلا" وحذف الخبر يجعل ما بعد إلا بدلا وليس كلامنا فيه)

وبالنسبة ل"الله" معمول فهو خبر.

نعم, الاستثناء فيه إنما هو من شيء مقدر لصحة المعنى ولا اعتداد بذلك المقدر لفظا و لا خلاف يعلم في نحو "مازيد إلا قائم" أن "قائم" خبر عن "زيد", ولا شك أن "زيد" فاعل في قوله:"ما قام إلا زيد" مع أنه مستثنى من مقدر في المعنى إذ التقدير: ما قام أحد إلا زيد.

خلاصة الأمر أنه لا تعارض بين كون الاسم المعظم خبرا عن اسم قبله وبين كونه مستثنى من مقدر:فجعله خبرا بالنظر إلى اللفظ , وجعله مستثنى بالنظر إلى جانب المعنى.

وللدسوقي –رحمه الله- تلخيص تركيبي جيد لوجوه الاعتراض والردود ننقله هنا مع الاعتذار عما في الكلام من تكرار:

"حاصل الاعتراض أن جعل الاسم العظيم خبرا يفيد أنه عين المبتدأ (وهو إله) وجعله مستثنى يفيد عدمها , وهذا تناقض.

حاصل الجواب على الاعتراض أن الجهة منفكة لأن الخبرية بالنظر إلى "إله" و الاستثناء بالنظر إلى المحذوف أي للضمير المستتر في المحذوف, فلا تناقض.

واعترض أن الضمير الراجع للإله هو عين الإله فرجع الأمر إلى أن الجهة واحدة, لأن مقتضى كون إله مرجع الضمير المستثنى منه أن يكون غير الله , ومقتضى كونه مخبرا عنه بالله أنه عين الله ,فالتناقض باق.

وأجيب بأنه في جانب الخبرية يلاحظ "إلا" من جملة الخبر والخصوص في الإله وأن المعنى لا إله غير الله ولا شك أن الإله المخصوص وهو الموصوف في الواقع بالمغايرة لله هو عين الخبر, وأما في جانب الاستثناء فيلاحظ أن الإله عام والله فرد منه فحصل التغاير ولا إشكال فتأمل ذلك."

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[14 - 12 - 05, 03:02 ص]ـ

فرغنا-ولله الحمد- من القولين المعتبرين عند المعربين: القول بالبدلية والقول بالخبرية. ونعرج الآن على الأقوال الضعيفة غير المعول عليها وعددها ثلاثة.

القول الأول:

اعتبار "إلا" بمعنى "غير" أي:ليست أداة استثناء.

واعتبارها مع الاسم المعظم صفة لاسم" لا" بالنظر إلى المحل. وقد نسب الشيخ عبد القاهر الجرجاني هذا الرأي إلى بعضهم. والتقدير على هذا:"لا إله غير الله في الوجود" أو "لا إله غير الله معبود بحق".

وقبل بيان سبب ضعف هذا الإعراب نشرح قليلا بعض مفرداته:

"إلا" وصف لإله .... والحرف لا يصف فلا بد أن تكون" إلا "اسما وأقرب الاسماء إلى معناها هو "غير".فإن قيل يلزم على هذا أن يكون الاسم المعظم مجرورا, ف"غير" مضاف و "الله" مضاف إليه, فكيف جاء الرفع؟ قيل لما جاء المضاف على صورة الحرف –أي:إلا- ظهر إعرابه على ما بعده.

أما معنى "بالنظر إلى المحل" فتعليل للمرفوع الذي كان حقه الانتصاب ..... فلو سلمنا أن "إلا الله " صفة ل"إله" الذي هو اسم "لا" ..... وجب الاتباع في النصب لأن اسم "لا" منصوب و"إلا الله " – بمعنى غير الله- مرفوع .... قالوا: الاتباع هنا في الرفع على المحل فقد اعتبرنا المبتدأ قبل دخول الناسخ عليه .....

على كل حال, لا اعتراض على هذا الرأي من جهة الصناعة النحوية .... ف"إلا" بمعنى "غير" واقع في اللغة, والاتباع على المحل مسلك معتبر عند النحاة ..... لكن الاعتراض يأتي من جهة المعنى (نقصد المعنى العقدي):

المقصود من الكلمة الطيبة أمران:

1 - نفي الألوهية عن غير الله تعالى.

2 - إثبات الألوهية لله.

ولا تستقيم عقيدة التوحيد إلا بملاحظة الأمرين ..... فالاقتصار على الأول لا يثبت الألوهية لله تعالى. والاقتصار على الثاني لا ينفي الألوهية عن غيره.

وإعراب "إلا الله" صفة -كما مر- يجعل التركيب دالا على الأمر الأول فقط. فيكون الناطق به قد وقف عند حدود النفي ولم يثبت شيئا بعد ذلك.

ولقائل أن يقول: لا نسلم أن الكلمة الطيبة جاءت لتقرير الأمرين , بل جاءت لتقرير الأول فقط ... لأن الأمر الثاني مجمع عليه ... فلا حاجة لذكره أو التذكير به .... فالمشركون في الجاهلية لا ينازعون في ثبوت الألوهية لله بدليل:"ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله" ... بل هم ينازعون في ألوهية أصنامهم, فإذا دلت الكلمة الطيبة نصا على بطلان ألوهية أصنامهم فقد حصل مقصود التوحيد.

الجواب:هذه المعاني تستفاد من العرف ومن الرجوع إلى استقراء أحوال العرب في التاريخ ...... ونحن نريد المعاني المستفادة من التركيب في ذاته لا من غيره.

فلم يبق إلا أن يقول أصحاب هذا الإعراب:

لقد دل التركيب على الأمرين وإعرابنا لم يتخلف عن ذلك ,كل ما في الأمر أن السلب عندنا منطوق والإثبات مفهوم.

(نرجيء الكلام في هذه المسألة إلى الموعد القادم بحول الله لأننا سنحتاج إلى بحث أصولي فيه بعض تفصيل ....... )

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير