تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[15 - 01 - 06, 04:23 م]ـ

قال محب الدين ناظر الجيش-رحمه الله-لتعليل ضعف الإعراب الثالث:

(المقصود من هذا الكلام-أي كلمة التوحيد- أمران: نفي الألوهية عن غير الله تبارك وتعالى ,وإثبات الألوهية لله تبارك وتعالى. ولا يفيده التركيب حينئذ.

فإن قيل يستفاد ذلك بالمفهوم, قلنا: أين دلالة المفهوم من دلالة المنطوق؟

ثم هذا المفهوم إن كان مفهوم (لقب) فلا عبرة به إذ لم يقل به إلا "الدقاق".

وإن كان مفهوم (صفة) فقد عرفت في أصول الفقه أنه غير مجمع على ثبوته.

فقد تبين ضعف هذا القول لا محالة.)

انتهى.

يحتاج شرح هذا الكلام إلى مقامات:

أولا بيان المصطلحات الأصولية:

المنطوق: عند الجمهور"ما دل عليه اللفظ في محل النطق" فهو معنى لمذكور في العبارة وحال من أحواله, إذ الدلالة ثابتة عليه في عنصر مذكور من عناصر العبارة وناشئة من وضعه لها لامن خارج عنه.

المفهوم: عند الأصوليين مقابل للمنطوق (ويختلف عن المفهوم في اصطلاح أهل المنطق الذي يقابل عندهم المصداق وأخص من المعنى اللغوي الذي يدل على كل ما فهم من النص) وتعريفه:"ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق أي يكون حكما لغير المذكور وحالا من أحواله."

مثالهما: قوله عليه السلام"في الغنم السائمة زكاة".فقد أخذنا من النص ثبوت الزكاة في الغنم السائمة بواسطةدلالة المنطوق, كما أخذنا منه عدم الزكاة فى المعلوفة مع أن مادة"علف" ومشتقاتها لم تجر على اللسان ولم ينطق بها, وهذا هو المفهوم.

مفهوم اللقب: وهو تعليق الحكم على مجرد أسماء الذوات.

مفهوم الصفة: وهو تعليق الحكم على الوصف أي المعنى الزائد على الذات.

من المثال السابق استفدنا عدم ثبوت الزكاة في "البقر" بواسطة مفهوم اللقب. وعدم ثبوتها في الغنم "المعلوفة" بواسطة مفهوم الصفة. وعدم ثبوتها في" البقر المعلوفة" بواسطة المفهومين معا.

مفهوم اللقب ضعيف جدا فلم يعتبره الأصوليون.

مفهوم الصفة مختلف فيه.

المقام الثاني بيان الإشكالات:

عندما قال ناظر الجيش" أين دلالة المفهوم من دلالة المنطوق؟ "فهو لا يقصد فقط التفاوت في قوة الدلالتين:فتكون كلمة التوحيد-حسب هذا الإعراب- دلت بقوة المنطوق على نفي ألوهية غير الله ودلت على إثبات الألوهية لله بالدلالة الضعيفة للمفهوم. فالأمر هنا هين يسير ولأصحاب هذا الإعراب أن يقولوا حسبنا ذلك وقد أثبتنا المعنيين معا في الجملة ولا يضرنا أن كان معنى أقوى من آخر.

لكن المشكلة تصبح عصية وشديدة الخطورة عندما نأخذ في الحسبان أن من المسلمين طوائف لا تعترف بالمفهوم ولا تعتد به فالظاهرية مثلا لا يعتبرون المفهوم مطلقا ,والحنفية لا يعتبرون مفهوم المخالفة ,فجاء الإشكال وهذه عناصره:

-التوحيد لا يتم إلا بنفي وإثبات.

-"لا إله إلا الله" هي كلمة التوحيد إجماعا.

-بعض المسلمين لا يعتبرون دلالة المفهوم فلا تكفي عندهم كلمة التوحيد للدلالة على التوحيد وهذا تناقض.

قال الأمير الصنعاني-رحمه الله-في كتابه (إجابة السائل شرح بغية الآمل):

(واعلم أنه لما شاع عن الحنفية نفي المفاهيم هجن عليهم من لم يحقق مرادهم بأنه يلزمه أن تكون كلمة التوحيد غير دالة على إثبات الإلهية لله تعالى وهذا يخالف ما اتفق عليه من إثباتها له تعالى أمر لا نزاع فيه فرأيت أن أنقل نصهم من المنار وشرحه ليعرف مرادهم ( ... ) ...

إلى أن قال:

ومن أدلتهم -أي الحنفية- أن أهل اللغة قالوا الاستثناء استخراج وتكلم بالباقي الثنيا -أي المستثنى -كما قالوا إنه من النفي إثبات ومن الإثبات نفي وإذا ثبت الوجهان وجب الجمع بينهما لأنه هو الأصل.

وقالت الحنفية نقول إنه تكلم بالباقي بوضعه (أي بحقيقته وعبارته) لأنه هو المقصود الذي سيق الكلام لأجله ,ونفي وإثبات بإشارته لأنهما فهما من الصيغة من غير أن يكون سوق الكلام لأجلهما لأنهما غير مذكورين في المستثنى قصدا, لكن لما كان حكمه خلاف حكم المستثنى منه ثبت النفي والإثبات ضرورة ,لأن حكمه يتوقف بالاستثناء كما يتوقف بالغاية فإذا لم يبق بعد الاستثناء ظهر النفي لعدم علة الإثبات وسمي نفيا مجازا, تحقيق ذلك أن الاستثناء بمنزلة الغاية من المستثنى منه لكون الاستثناء بيانا أنه ليس مرادا من الصدر كما أن الغاية بيان أنها ليست مرادة من المغيا ,كما أن الاستثناء يدخل على النفي فينتهي بالوجود وعلى الإثبات فينتهي بالنفي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير