فكذلك الغاية ينتهي بها الحكم السابق إلى خلافه ,وهذا المجموع ثابت بحسب اللغة ,لكن لما كان الصدر مقصودا جعلناه عبارة والثاني لما لم يكن مقصودا بل ليتم به الصدر جعلناه إشارة ولذلك اختير في كلمة التوحيد لا إله إلا الله ليكون إثبات الألوهية لله تعالى إشارة ونفيها قصدا لأن المهم في كلمة التوحيد نفي الشريك مع الله تعالى لأن المشركين أشركوا معه غيره فيحتاج إلى النفي قصدا وأما إثبات الألوهية لله تعالى فمفروغ منه غير محتاج إلى اثباته بالقصد لأن كل عاقل معترف به قال الله تعالى" ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله" فيكفي في إثبات ذلك الإشارة وهذا الحصر من قبيل قصر الإفراد.
ولقائل أن يقول الاستثناء نص في خروج حكم المستثنى من حكم المستثنى منه حتى لا يصح إثبات مثل حكمه معه بخلاف الغاية فإنه ليس كذلك حتى يصح سرت إلى البصرة وجاوزته ولا يصح أن تقول جاءني القوم إلا زيدا فإنه جاء هكذا أورده شارح المنار على أصحابه ولم يجب عنه ثم قال والجواب عما قال الشافعي إنما يكون بطريق المعارضة يستوي فيه البعض والكل كالنسخ فإن نسخ الكل جائز كبعضه ولم يستو الكل والبعض في الاستثناء فإن استثناء الكل باطل اتفاقا لا يقال إنما لا يصح استثناء الكل لأنه رجوع بعد الإقرار لأنا نقول لا يصح استثناء الكل فيما يصح فيه الرجوع كالوصية فإنه يصح الرجوع عنها ومع هذا لا يصح استثناء الكل فلو قال أوصيت بثلث مالي إلا ثلث مالي فالاستثناء باطل لأنه لم يبق بعد الاستثناء شيء يكون الكلام عبارة عنه.
أقول (=الصنعاني) قد اتفق الفريقان بأن كلمة لا إله إلا الله قد دلت على نفي الألوهية عما سواه وإثباتها له لكن إثباتها له تعالى سماه الحنفية إشارة وسموا النفي عبارة نظرا إلى المقصود بالكلام وانه لم يسق أصالة إلا لنفي الألوهية عن غيره تعالى واما إثباتها له فغير مقصود من الكلام لأن كل عاقل يعتقده
قلت ولذا قالوا في الأصنام إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى فلم يكونوا نافين له بل أثبتوا معه غيره فخوطبوا بكلمة التوحيد والقصد نفي الألوهية عن غيره تعالى ولذا قال إنه قصر إفراد وعلى رأي من أثبت المفهوم إنهما أي النفي والإثبات قصدا سواء النفي والإثبات وأنها أفادت إثبات الألوهية له تعالى كما أفادت نفيها عما سواه لكن الأول سموه مفهوم قصر والثاني منطوق والقصد فيهما سواء إلى إثبات الحكم ونفيه إنما اختلفت طريقة الدلالة وفي مثل له علي ألف إلا مئة الحكم منصب إلى تسع مئة وأنه لم يتكلم بالألف في حق لزوم المئة فقد اتفق الفريقان أنه لا يلزمه إلا تسع مئة فالحكم في المستثنى منعدم لانعدام الدليل الموجب له في صورة التكلم به.)
لهذه الفقرة بقية .......
ـ[أسامة الجنابي]ــــــــ[20 - 01 - 06, 06:25 ص]ـ
بارك الله فيك وسدد خطاك أخي أبو عبد المعز
ـ[مروان الحسني]ــــــــ[09 - 03 - 06, 10:04 ص]ـ
أين البقية يا أخي أبو عبد المعز؟
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[23 - 03 - 06, 12:08 ص]ـ
ثم إن قول القائل:"أين دلالة المفهوم من دلالة المنطوق؟ " يفهم منه ترجيح الإعرابين السالفين لكلمة الجلالة (أعني البدلية والخبرية) باعتبار أن ذلك من دلالة المنطوق التي تربو على دلالة المفهوم ...... والحال أنه كيفما أعربنا كلمة الجلالة -بدلا أو خبرا- لا نكون إلا ضمن دائرة المفهوم ..... فاستوت الوجوه الإعرابية الثلاث من هذه الجهة ... توضيحه:
أن إلا وما بعدها من حكم يسمى "الحصر" والحصر عند جمهور الأصولين من دلالة المفهوم ولم يقل بدلالة المنطوق إلا القرافي والشيرازي وطائفة ...
قال الصنعاني:
ومنه النفي بما أو لا والاستثناء نحو "لا عالم إلا زيد" و"ما علم إلا زيد "صريح في نفي العلم عن غير زيد ويقتضي إثبات العلم له وجانب الإثبات فيه أظهر فلذا جعلوه منطوقا فيفيد الإثبات منطوقا والنفي مفهوما وقد أنكره قوم كما يأتي في بحث الاستثناء وقوم قالوا إنه منطوق والأكثر قالوا إنه مفهوم.
وقال الشوكاني في الارشاد:
النوع السابع: مفهوم الحصر وهو أنواع أقواها: ما وإلا نحو:" ما قام إلا زيد" وقد وقع الخلاف فيه هل هو من قبيل المنطوق أو المفهوم وبكونه منطوقا جزم الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في الملخص ورجحه القرافي في القواعد وذهب الجمهور إلى أنه من قبيل المفهوم وهو الراجح والعمل به معلوم من لغة العرب ولم يأت من لم يعمل به بحجة مقبولة.
وللدسوقي تعقيب توضيحي على تتمة كلام ناظر الجيش أعني قوله: (ثم هذا المفهوم إن كان مفهوم (لقب) فلا عبرة به إذ لم يقل به إلا "الدقاق".وإن كان مفهوم (صفة) فقد عرفت في أصول الفقه أنه غير مجمع على ثبوته. فقد تبين ضعف هذا القول لا محالة.)
قال:
قوله ثم هذا المفهوم الخ ..... جواب عما يقال ما المانع من اعتبار دلالة المفهوم وإن كان أدنى من المنطوق، وحاصل الجواب أن في اعتبار المفهوم خلافا والمقصود ارتكاب وجه لا خلاف فيه، ثم إن مقتضى تعبيره ب"إن" حيث قال إن كان مفهوم لقب الخ .... يقتضي عدم جزمه بواحد منهما مع أن جعل "إلا" بمعنى "غير" ورفع ما بعدها على الصفة يعين أنه مفهوم صفة ولا وجه للتردد، قلت-الدسوقي-:موجب التردد هو أن "إلا" وإن كانت بمعنى "غير" ليست صفة صريحة بل بالتأويل فكان المقام مقام تردد هل هي صفة لأنها بمعنى "غير" و غير بمعنى "مغاير" أو هو لقب لأنه ليس من المشتقات في شيء فهو إلى اللقب الذي هو اسم ذات أقرب؟
والحاصل أن التردد من حيث النظر للفظ "إلا" ومن حيث النظر لمعناها:
-فمن حيث النظر للفظها فهي لقب.
-ومن حيث النظر لكونها بمعنى "غير" الذي هو بمعنى مغاير فهي صفة.
انتهى كلامه-رحمه الله-
هذا تمام الكلام على الوجه الأول غير المعتبر، وموعدنا لاحقا مع القول الثاني غير المعتبر بحول الله وهو الاعراب المنسوب للزمخشري.
¥