يروم صبرا وفرط الوجد يمنعه - - سلوَّه ودواعي الشوق تردعه============================
ونسب القصيدة إلى ابن زريق من القدماء أيضا: جعفر بن أحمد بن الحسين السراج القاري البغدادي أبو محمد (417 – 500 هـ) - ترجمته في السير 19/ 228 - في كتابه [مصارع العشاق] طبعة دار صادر بعناية كرم البستاني، قال: (فراقية ابن زريق
أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن الجاز القرشي الأديب بالكوفة، وأنا متوجه
إلى مكة سنة إحدى وأربعين وأربعمائة بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن حاتم بن بكير البزاز التكريتي بتكريت قال: ... ) ثم ذكر القصة المتقدمة التي ذكرها السمعاني في الذيل، سواء بسواء، وأتبعها بذكر القصيدة، فغير مستبعد أن يكون السراج القاري مصدر ابن السمعاني في حكاية هذه القصة، والله أعلم.
ومنهم العلامة ابن ناصر الدين الدمشقي، فقد قال معلقا على قول الحافظ الذهبي في < المشتبه >: الزُرَيْقِي شاعر مشهور، قال ابن ناصر الدين (هو بضم أوله، وفتح الراء، ثم مثناة تحت ساكنة، ثم قاف مكسورة، وهو ابن زريق الكاتب صاحب تلك القصيدة التي أولها:
لا تعذليه فإن العذل يولعه - - قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه
وقد قيل: من قرأ القرآن بحرف أبي عمرو، وتختم بالعقيق، وقرأ قصيدة ابن زريق الكاتب، فقد كمل الظرف). توضيح المشتبه 4/ 293.
ومن أجلّ من نسبها له، وهو من أرباب الصنعة العلامة الأديب الصفدي في كتابه [الوافي بالوفيات] 21/ 111 - 117، حيث قال: (علي بن زريق الكاتب البغدادي، له القصيدة التي مدح بها العميد أبا نصر وزير طغرلبك!!!، التي قال فيها أبو عبد الله الحميدي: قال لي أبو محمد علي بن أحمد ابن حزم: يقال: ..... ) ثم أورد القصيدة.
فإذا تركنا القدماء – وهم الأصل – وجئنا للمعاصرين؛ نجدهم قد تتابعوا على نسبتها لابن زريق قولا واحدا، لا اختلاف بينهم في ذلك، ولا إشكال عندهم في هذا الأمر، قد تجاوزا في إعجابهم بالقصيدة وتحليلهم لها، ومعارضتها ..... مسألة الشك في نسبتها، وإن أشار بعضهم إلى ذلك التزاما بمنهجية البحث.
وقد وقفت على ديوان الوأواء الدمشقي؛ فإذا أصل الديوان قد خلا – في كل نسخه المخطوطة - من المقطعة التي نسبها إليه صاحب اليتيمة، وجاء محققه الفاضل سامي الدهان ليضيفها في ذيل الديوان، كما جرت عادة المحققين في ذلك، منبها في الهامش ص273 إلى الشك في نسبتها له.
وقد كان في صدر تحقيقه < م 26 > قد قال: ( ... والثعالبي نفسه، وهو أقربهما – ابن عساكر وابن خلكان - إلى عصره؛ نسب إليه شعر معد بن تميم، وابن زريق البغدادي، وخالد بن يزيد، مع اجتماع المصادر كلها على مخالفته في ذلك، وورود مواقع في الشعر وأماكن لم يرها الوأواء، كالنيل، وبغداد، والكرخ ... وغيرها).
ومما يقوي نفي نسبة المقطعة من قصيدة ابن زريق للوأواء = عدم نسبتها إليه عند أحد من المتقدمين ممن ترجموا له، مع ذكرهم لشئ من شعره أثناء الترجمة، ولو كانت نسبتها إليه صحيحة ما ترددوا في ذلك لشهرة الأبيات وجمالها، وقد كانت يتيمة الثعالبي من أولى مصادرهم في ترجمة الوأواء الدمشقي، ومع هذا أعرضوا عن نسبته لهذا المقطعة للوأواء، لعلمهم بخطأه الواضح، من هؤلاء: الحافظ ابن عساكر في تاريخه 51/ 175 – 178، مع أنه قد أخطأ في نسبة بعض الأبيات إليه، ولكن ليس من بينها المقطعة، والصفدي في الوافي 2/ 53، وابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات 2/ 301 - 306، وغيرهم كثير.
في المشاركة القادمة أذكر – إن شاء الله – بعض الفوائد والملاحظات حول القصيدة.
.
ـ[زياد العضيلة]ــــــــ[09 - 06 - 05, 03:22 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب - مداخلة عارضة - فيما يتعلق بالصفدي، هل قرأتم بارك الله فيكم كتاب الدماميني في الصفدي (الذي قرظه ابن حجر رحمه الله)، وليس هو من كلام الاقران بحِمله وقده، بل فيه من الصواب جملا وافرة، و حوى من الحق الذي يبين سقطات الصفدي في الأدب وخاصة في شرحه اللامية، ما يجعل الصفدي دون ما ذكرت.
الا ان كان القصد بالعلامة (التأريخ والترجمة)، وهذا ليس ببعيد عن ما سبق على جلالة كتابه وكونه من أوسع وأضخم كتب التراجم.
هذا عارض عرض لي أحببت بثه اليك أبا عبدالله، و حديث الأديب خاصة - وحديث الوامق عامة - ذو شجون وشعب.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[09 - 06 - 05, 04:03 ص]ـ
أحسن الله إليك أيها الفاضل، بل مداخلتك مما تسر، ونقدك وبيانك مثل الغيث إذا انهمر، نفعه عميم، وطريقه مستقيم، وأدبه قويم.
نعم أيها الفاضل سياق كلامي يحتم أني قصدتُ ما ذكرتَ، إذ الحديث عن ثبوت القصيدة لابن زريق، والرجل في هذا الباب واسع الإطلاع، فعلى سعة اطلاعه أعول، وعلى كثرة نقوله وحفظه وندرتهما ما لنا من متحول.
ولعلك أيها الفاضل - رعاك الله - قد لاحظت تعدد إشارات الإستفهام عقب بعض كلامه الذي نقلتُه عنه آنفا، وفهمتَ دلالته - وأنت الفهم اللبيب - وهو من المآخذ على ابن أيبك - رحمه الله -.
أما ماذكرت من أمر الدماميني وتقريظ الحافظ لما خط يراعه، فما رأيته، والأسف على ذلك شديد، وإنما أخشى أن تكون قد غلبت على الدماميني صنعته النحوية، وقصر باعه - مثل الحافظ - في النواحي البلاغية العربية، فعلى هذه يعول الصفدي، ولا شك أن الرجل في هذا الجانب على حظ لابأس به من المعرفة والتذوق، ومصنفاته شاهدة على هذا، وإن كنت لا أعفيه من تكلف وسرقة لبعض المعاني ... نثرا ونظما.
أما شرحه الغيث المنسجم فربما يقال فيه: ما قيل في تفسير الجواهر للطنطاوي - رحمه الله - و لا أزيد ... فمثلك لا يخفى عليه المراد.
ولك الشكر مرة أخرى على مداخلتك، ولا تحرمني دوما من فوائدك وعوائدك.
ملاحظة: أول ما رأيت مشاركتك - أيها الكريم - خلت أنك ستلومني على ترك الحديث عن المالكية ومصنفاتهم المعتمدة، والخوض في شئ من فنون الأدب والشعر، وهو مما تلهي كثرته، وتشغل القلب متابعته. (ابتسامة).
¥