لامَت عَلى الصَبِّ لما سالَ مَدمَعه - - وَخابَ في مُلتَقى الاِحبابِ مَطمَعه
فَقالَ وَالوَجدُ مِنهُ كادَ يَصرَعهُ - - لا تَعذليهِ فَان العَذل يولِعهُ
قَد قُلت حقاً ولكن ليس يسمعه
ومنها:
يَكفيك ما من حُطام رُحت تجمعُهُ - - وَمن يديك المَنايا سَوفَ تَنزعهُ
وَهَل تَرى صاحَ سَعي المَرءِ ينفعُه - - وَالدَهرُ يَعطي الفَتى مِن حيث يَمنعهُ
رِزقاً ويحرمه مِن حيث يطمعه
وآخرها:
وَاِضرَعن لمَن في العَرشِ عِزَّتُه - - سمت وفوق علا الأمجاد سدته
عَسى يجمَّع من شَملي مشتته - - وَاِن تَنَل أحدا مِنّا منيته
فما الذي بقضاء الله يصنعه
وميخائيل بن خليل خير الله وردي، أديب وشاعر سوري، له ديوان [زهر الربى] مطبوع، ولد 1868 توفي 1945م، ومطلعها:
تَبَدَّدَت كَسَحابِ الصَّيفِ أَدمُعُهُ - - فَلَيسَ يَبكي عَلَى حُبِّ يُوَدِّعُهُ
يا مَن تَظُنّينَ أَن لا شيء يُرجِعُهُ - - لا تَعذُليهِ فَإِنَّ العَذلَ يولِعُهُ
قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه
(10)
وعارضها كل من:
أبو بكر محمد بن ذي الوزارتين (ـ536هـ) يعتذر عن عدم خروجه في وداع الوزير أبي محمد بن عبد الله بن عبدون يوم سفره؛ الذخيرة لابن بسام الشنتريني 2 - 2/ 541:
في ذمة الفضل والعلياء مرنحل - - فارقت صبري إذ فارقت موضعه
ضاءت به برهة أرجاء قرطبة - - ثم استقل فسدّ البين مطلعه
يا قاطعا أملا قد كان واصله - - ونائرا جذلا قد كان جمعه
والفرق بين القصيدتين باد لكل ذي عينين.
وعارضها: أبو العباس البيّع أحمد بن جعفر ابن الدبيثي، من أهل واسط، ابن عم الحافظ أبي عبد الله الدبيثي، (تـ 621هـ). الوافي 6/ 283.
ومطلع قصيدته التي يقول فيها الصفدي [الوافي بالوفيات] 6/ 285: (أظنه عارض بها عينية ابن زريق المشهورة ... وجيد هذه أكثر من جيد تلك):
يروم صبرا وفرط الوجد يمنعه - - سلوه ودواعي الشوق تردعه
إذا استبان طريق الرشد واضحة - - عن الغرم فيثنيه ويرجعه
ومنها:
وكم مرام لقلبي ليس يبلغه - - تصده عنه أسباب وتمنعه
من لي بمن قلبه قلبي فأسمعه - - بثي فيبسط من عذري ويوسعه
قل الوفاء فما أشكو إلى أحد - - إلاّ أكب على قلبي يقطعه
يا خالي القلب قلبي حشوه حرق - - وهاجعَ الليل ليلي لست أهجعه
وعارضها: شرف الدين الحلي أبو الوفاء راجح ابن أبي القاسم الأسدي (572 - 627) ومطلع قصيدته:
أخفى الغرام فأبداه توجعه - - وترجمت عن مصون الحب أدمعه
صبّ بعيد مرامي الصبر ما برحت - - تُحْنَى على بُرحَاء الشوق أضلعه
وعارضها الأستاذ محمد خورشيد العدناني (1321 – 1401هـ) صاحب معجم الأخطاء الشائعة، أديب، شاعر، لغوي، ولد بجنين من أرض فلسطين المجاهدة الصابرة، درس سنتين بكلية الطب، بناء على رغبة والده، التقى أمير الشعراء، فلما قرأ المعارضة أمام أحمد شوقي أصر عليه في دراسة الأدب بدل الطب، ففعل على أن يكون شوقي أباه الروحي، ولم أقف على قصيدته، ترجمته في [تتمة الأعلام] لمحمد خير رمضان يوسف.
(11)
اشتهر لدى بعض الأدباء أن هذه العينية يتيمة ابن زريق، ليس له غيرها، (مجلة الفيصل عدد 217 – 1994) ولكن: الصفدي في الوافي 21/ 115 ينسب له قصيدة أخري في رثاء ديك، مطلعها:
خطب طرقت به أمرّ طروق - - فظ الحلول علي غير شفيق
فكأنما نُوَب الزمان محيطة - - بي راصدات لي بكل طريق
هل من مستجار من فظاظة جورها - - أم هل أسير صروفها بطليق
حتى متى تنحي عليّ بخَطْبِها - - وتغصني فجعاتها بالريق
ذهبت بكل موافق ومرافق - - ومناسب ومصاحب وصديق
وطريفة وتليدة وحبيرة - - صنت وركن للزمان وثيق
حتى بديك كنت آلف قربه - - حلو الشمائل في الديوك رشيق
والقصيدة حلوة جميلة، تتشابه مع العينية في شدة اللوعة، وشكوى الزمان، والتوجع من ألم الفراق ....
توجد للقصيدة نسخة مخطوطة ببرلين كما أفاده الباحث عبدالهادي صافي ــ عبدالغفار أحمد في مقال له بمجلة العربي عدد 523 سنة 2002م، وقد رد بمقاله هذا على الأديب فاروق شوشة الذي كتب مقالا بنفس المجلة عدد 515 سنة 2001، ينسب فيه القصيدة لأبي الفرج الأصفهاني صاحب الكتاب المشهور [الأغاني]. ولم يدر الأستاذ عبد الهادي آنذاك بوجود هذه القصيدة منسوبة لابن زريق في الوافي كما يظهر من مقاله، كما خفي عليه أن من مصادر الأديب فاروق في نسبته تلك – فيما أحسب – نهاية الأرب للنويري 10/ 226، حيث ذكر النويري بعض القصيدة ونسبها لأبي الفرج الأصفهاني، وكان الباحث قد ذكر في وسط مقاله أن الأديب فاروق شوشة لم يشر إلى المصدر الذي اعتمد عليه في نسبة القصيدة لأبي الفرج. ثم قال في الأسطر الأخيرة من المقال: (وأكبر الظن أن الأستاذ فاروق شوشة اعتمد في إثبات القصيدة ونسبتها إلى أبي الفرج الأصفهاني على رواية جاءت في تصدير كتاب (الأغاني) الجزء الأول، فقد أثبت نسبتها إلى أبي الفرج الأصفهاني مَن ترجم له - دون تثبت أو إحالة إلى أي مصدر - وهو الأستاذ أحمد زكي العدوي رئيس قسم التصحيح بدار الكتب المصرية, فقد وجدت القصيدة كاملة كما أثبتها الأستاذ فاروق في مجلة العربي, في تصدير كتاب (الأغاني) طبعة دار الكتب المصرية, في نسخة مصورة, دون أي تغيير أو حذف أو إضافة).
وينسب بروكلمان – أيضا – لشاعرنا قصيدة أخرى بعنوان (أرجوزة في الأخلاق) ببرلين 3: 59 كما في كتابه تاريخ التراث 2/ 67، ويخبرنا كذلك أن المستشرق DIELS قام بترجمتها.
ولكن بالسؤال عن المخطوطة من طرف الباحث عبد الهادي في المكتبة المذكورة، وتحت الرقم المرفق لم يتم العثور عليها، فالله أعلم.
ويضيف بروكلمان أن الأستاذ شاكر أباظة؛ قد عمل تشطيرا لهذه الأرجوزة في الأخلاق طبع في القاهرة 1313هـ. فمِن أين لنا به؟
(12)
وأخيرا: فمن الغرائب عدم وجود القصيدة في بعض الموسوعات الأندلسية، منها: الذخيرة لابن بسام، و نفح الطيب للمقري ... حسب البحث في فهارسها التفصيلية.
¥