ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[21 - 06 - 05, 08:07 م]ـ
بارك الله في المشايخ الكرام، ونفع الله بهم.
لقد قلت سابقا: إني كتبت إلى الإخوة في ملتقى < فصيح > أسائلهم عن (فلك الأزرار) فجاء ردهم - إجمالا - موافقا لما يجنح إليه الأستاذ الذي أشار إليه أبو البراء، والأستاذ الذي هاتفته.
ثم إني أرسلت للدكتور سالم الخماش، وهو مشرف على موقع لسان العرب أسأله، فأجاب - مشكورا -:
http://www.angelfire.com/tx4/lisan/khamash.htm
أخي الكريم: ....
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معنى بيت ابن زريق
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
أن وجه محبوبته (زوجته) قد بان كالقمر ولكنه جعل ذلك في صورة مركبة مؤلفة من الأزرار التي جعلها ـ لتنسجم مع القمر ـ كأنها منظومة في فلك (الفلك مدار النجوم) وخرج وطلع من هذا الفلك المؤلف من أزرار القميص جرم دائري أبيض ناصع هو وجه الحبيبة الذي يشبه القمر. وقد يكون عنا بالقمر يياض صدرها التي يظهر جزء منه بين معاقد أزرار قميصها.
وهذه الصورة وردت في أشعار أخرى، منها:
قول الشاعر:
كأنَّ ثيابَه أطلعْـ ـنَ من أزراره قمرا
وقول تميم بن المعز:
في وَجْهِهِ شافعٌ يَمْحُو إساءتَهُ من القلوب وَجِيهٌ حيثما شفعَا
كأنما الشمسُ مِنْ أثوابه برزَت حُسْناً، أو البدرُ من أزرارِه طَلَعا
وقول ابن زيلاق
وسنان فيه للغزالة وابنها وجه وطرف فاتر ونفار
رشأ ولكن في القلوب كناسه فمرّ ولكن أفقه الأزرار
وقول ابن قلاقس
لِمَنِ الشُّموسُ غَرَبْنَ في الأَكوارِ وطَلَعْنَ بين معاقِدِ الأَزرار
وقد يكون عنا بالأزرار أزرار الخباء التي من خلالها نرى وجه الحبيبة الناصع قال في ذلك الواواء الدمشقي:
بَدْرُ لَيْلٍ أَوْلا فَشَمْسُ نهارِ طَلَعتْ منْ سَحائبِ الأَزْرارِ
سالم الخماش
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[15 - 08 - 05, 11:46 م]ـ
وصلتني في اليومين الماضيين من عمّان نسخة من كتاب < مقالات العلامة محمود محمد الطناحي > رحمه الله .. وفيها 1/ 118 - 123، مقالة عن عينية ابن زريق .. لم أجد فيها جديدا مما يتعلق بغرضنا هنا إلا اضفاته أن من ضمن من نسب القصيدة لابن زريق؛ أسامة بن منقذ < تـ 584 > ولعل ذلك في كتابه < المنازل والديار >.
ومن ذلك أن أورد كلام الصفدي الذي سبق وأن نقلتُه من الوافي [مشاركة 9] ثم ذكر الطناحي أن ابا حيان في < الإمتاع والمؤانسة > 2/ 166 أنشد بيتين من قصيدة ابن زريق، وأبو حيان توفي حوالي سنة < 400 >.
قال الدكتور 1/ 120: ( .. فيتطرق الشك إذن إلى أمرين: الأول: كون القصيدة قيلت في مدح عميد الملك الذي تأخرت وفاته كثيرا < 456 > عن وفاة أبي حيان.
الثاني: نسبة البيتين لابن زريق. ولمّا كنا لا نملك ما ندفع به الأمر الأول - برغم أن القصيدة ليس فيها ذكر لعميد الملك، لا من قريب ولا من بعيد - فإن الشك ينحصر في الأمر الثاني، وهو أن البيتين ليسا لابن زريق، ويقوي هذا دليلان: الأول: أن أبا حيان لم ينسب البيتين لقائل، لا لابن زريق ولا لغيره. الثاني: أن أبا منصور الثعالبي نسبهما مع بيتين يأتيان بعدهما في ترتيب القصيدة إلى الوأواء الدمشقي المتوفى نحو سنة < 385 > والثعالبي حجة فيما يورده، لأنه يسجل أدب عصره، وقد أورد محقق ديوان الوأواء هذه الأبيات الأربعة عن الثعالبي، ووضعها في الزيادات التي ليست في أصل الديوان، ثم ذكر أن الأبيات من قصيدة لابن زريق، وأحال على كتاب < الكشكول > للعاملي.
وإذا صح كلام الثعالبي فيكون ابن زريق قد ضمن هذه الأبيات الأربعة قصيدته التي لا شك في نسبتها إليه، أو أن بعض الرواة أقحم الأبيات على القصيدة، لاتفاق القافية والوزن والنفس الشعري).
قلت: الأمر الأول الذي ذكره - رحمه الله - مدفوع بداهة؛ إذ كيف يمدح شاعر شخصا بقصيدة لا يذكره فيها لا من قريب ولا من بعيد، كما أقر بذلك الفاضل الطناحي؟
والدليلان اللذان أوردهما لتعزيز الشك في الأمر الثاني؛ لا يستقيمان: أما الأول وهو سكوت أبي حيان عن عزو البيتين لابن زريق؛ فيمكن أن يجاب عنه بعدة أجوبة، منها أنه ترك ذلك لشهرتهما عنه مثلا، أو أنه لم يستحضر في حينه نسبتهما له، أو أغفل ذلك لأي سبب ..
أما نسبة أبي منصور البيتين للوأواء فقد تقدم بيان ما فيها في المشاركة 9، ويتلخص رده في أن كل من جاء بعد الثعالبي خالفه ونسب القصيدة كاملة - مع الأبيات الأربعة - لابن زريق .. وأن الثعالبي قد وقعت له أوهام في نسبة أبيات مختلفة للوأواء و ثبت أنها ليست له، منها هذه الأبيات فيما ذكر محقق ديوان الوأواء ...
والقول بأن هذه الأبيات الأربعة ربما ضمنها ابن زريق قصيدته .. أو أن أحدا أقحمها على القصيدة؛ لايستقيم لعدم الدليل على ذلك، ولأنه لم تجر عادة الشعراء المبدعين بمثل هذا التضمين الكثير، ثم إن هذه الأبيات من عيون القصيدة، فلو سلمنا بأنها ليست منها فقد ذهبت روعتها، و نقصت في روائع الشعر منزلتها. والله أعلم.
¥