وعندما سُئل عن وضع هذه الآية على شهادات المدارس قال:" كون الآية تكون على شهادات المدارس لا أعرف له أصل ".أ. هـ
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 - 02 - 05, 11:27 م]ـ
قال الرازي في تفسيره لهذه الآية: (اعلم أن هذا الكلام جامع للترغيب والترهيب، وذلك لأن المعبود إذا كان لا يعلم أفعال العباد لم ينتفع العبد بفعله ....
فقوله: {وَقُلِ ?عْمَلُواْ فَسَيَرَى ?للَّهُ عَمَلَكُمْ} ترغيب عظيم للمطيعين، وترهيب عظيم / للمذنبين، فكأنه تعالى قال: اجتهدوا في المستقبل، فإن لعملكم في الدنيا حكماً وفي الآخرة حكماً. أما حكمه في الدنيا فهو أنه يراه الله ويراه الرسول ويراه المسلمون، فإن كان طاعة حصل منه الثناء العظيم والثواب العظيم في الدنيا والآخرة، وإن كان معصية حصل منه الذم العظيم في الدنيا والعقاب الشديد في الآخرة. فثبت أن هذه اللفظة الواحدة جامعة لجميع ما يحتاج المرء إليه في دينه ودنياه ومعاشه ومعاده.)
وسياق الآية لا يظهر منه أنها نزلت في المنافقين، وهذا هو سياقها:
{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) وَآَخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)}
والآية التي تخبر عن حال المنافقين هي قوله تعالى: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (94)}
وقد ذكر ابن العربي في أحكامه في التفريق بين الآيتين ما خلاصته: قوله سبحانه: {وَقُلِ ?عْمَلُواْ فَسَيَرَى ?للَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة:105] هذه الآية نزلَتْ بعد ذكر المؤمنين، ومعناها: الأمر، أي: ?عملوا بما يُرْضِي اللَّه سبحانه، وأمَّا الآية المتقدِّمة، وهي قوله تعالى: {قَدْ نَبَّأَنَا ?للَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة:94] و {وَسَيَرَى ?للَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ}؛ فإنها نزلت بعد ذكْر المنافقين، ومعناها: التهديد؛ وذلك لأن النفاق موضِعُ ترهيبٍ، والإيمانُ موضعُ ترغيبٍ، فقوبل أهْلُ كلِّ محلٍّ من الخطاب بما يليقُ بهم. انتهى بتصرف.
وجاء في تفسير ابن عاشور: التحرير والتنوير ما نصه: (عطف على جملة: {أَلَمْ يَعْلَمُو?اْ أَنَّ ?للَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ?لتَّوْبَةَ} (التوبة: 104) الذي هو في قوة إخبارهم بأن الله يقبل التوبة وقل لهم اعملوا، أي بعد قبول التوبة، فإن التوبة إنما ترفع المؤاخذة بما مضى فوجب على المؤمن الراغب في الكمال بعد توبته أن يزيد من الأعمال الصالحة ليجبر ما فاته من الأوقات التي كانت حقيقة بأن يعمرها بالحسنات فعمرها بالسيئات فإذا وردت عليها التوبة زالت السيئات وأصبحت تلك المدة فارغة من العمل الصالح، فلذلك أمروا بالعمل عقب الإعلام بقبول توبتهم لأنهم لما قُبلت توبتهم كان حقاً عليهم أن يدلوا على صدق توبتهم وفرط رغبتهم في الارتقاء إلى مراتب الكمال حتى يَلحقوا بالذين سبقوهم، فهذا هو المقصود، ولذلك كان حذف مفعول {?عْمَلُواْ} لأجل التعويل على القرينة، ولأن الأمر من الله لا يكون بعمل غير صالح. والمراد بالعمل ما يشمل العمل النفساني من الاعتقاد والنية. وإطلاق العمل على ما يشمل ذلك تغليب.
وتفريع {فَسَيَرَى ?للَّهُ عَمَلَكُمْ} زيادة في التحْضيض. وفيه تحذير من التقصير أو من ارتكاب المعاصي لأن كون عملهم بمرأى من الله مما يبعث على جعله يرضي الله تعالى. وذلك تذكير لهم باطلاع الله تعالى بعلمه على جميع الكائنات. وهذا كقول النبي صلى الله عليه وسلم في بيان الإحسان: «هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك».)
وهو صريح في ارتباط الآية بما قبلها من الدعوة إلى التوبة، وأنها في شأن المؤمنين.
وعليه؛ فالقول بأن الآية المسؤول عنها نزلت في المنافقين فيه نظر. والله أعلم
¥