تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى الاحتمال الثاني: يكون المراد بالخطاب الصنف الشاك من الناس. وقد ذكر الرازي هنا ما ذكره ابن قتيبة في قوله الذي نقله ابن القيم

ومع هذا التفصيل لم يصرح الرازي بترجيح أحد هذه الاحتمالات، إلا أن سياق كلامه يدل على ميله للوجهين المذكورين تحت الاحتمال الأول.

وفي المسألة الثانية ذكر الرازي أن المحققين قالوا: هم الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبدالله بن سلام، وعبدالله بن صوريا، وتميم الداري، وكعب الأحبار؛ لأنهم هم الذين يوثق بخبرهم.

ثم قال: (ومنهم من قال: الكل سواء كانوا من المسلمين أو من الكفار؛ لأنهم إذا بلغوا عدد التواتر، ثم قرؤا آية من التوراة والإنجيل، وتلك الآية دالة على البشارة بمقدم محمد r فقد حصل الغرض.) ([12])

وبدأ القرطبي تفسيره لهذه الآية بقوله: (الخطاب للنبيّ r والمراد غيره، أي: لست في شك، ولكنّ غيرك شك) ثم ذكر الأقوال الأخرى في تفسير الآية، ومن الأقوال التي ذكرها: (الشك ضيق الصدر؛ أي: إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء فاصبر، و?سأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك يخبروك صَبْرَ الأنبياءِ من قبلك على أذى قومهم، وكيف عاقبة أمرهم. والشك في اللغة أصله الضيق .. ) ([13]) ولم يصرح بترجيح أيٍّ من الأقوال التي ذكرها، أو اختياره له، غير أنه يفهم من طريقته في عرض الأقوال أن القول الذي بدأ به هو المعتمد عنده، ويؤكد ذلك أنه ختم تفسيره لهذه الآية والتي بعدها بقوله: (والخطاب في هاتين الآيتين للنبي r ، والمراد غيره) ([14])

ومما نص عليه أبوحيان هنا:

· الظاهر أن "إن" في الآية شرطية، خلافاً لمن جعلها نافية. ([15])

· (الذي أقوله: إنّ "إنْ" الشرطية تقتضي تعليق شيء على شيء، ولا تستلزم تحتم وقوعه ولا إمكانه، بل قد يكون ذلك في المستحيل عقلاً كقوله تعالى: ? قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ? (الزخرف:81)

· ومستحيل أن يكون له ولد؛ فكذلك هنا: مستحيل أن يكون في شك)

وقرّر أن هذا الوجه لما خفي على أكثر الناس اختلفوا في توجيه الآية، ثم ذكر ما ذكره المفسرون قبله من أقوال في معنى هذه الآية ([16])

واقتصر ابن كثير على ذكر قول من قال: إن رسول الله r لم يشك، ولم يسأل مبتدئاً بقول قتادة بن دعامة: بلغنا أن رسول الله r قال: «لا أشك ولا أسأل» ([17]) ثم قال: (وهذا فيه تثبيت للأمة، وإعلام لهم أن صفة نبيهم r موجودة في الكتب المتقدمة التي بأيدي أهل الكتاب ... ثم مع هذا العلم الذي يعرفونه من كتبهم كما يعرفون أبناءهم يلبسون ذلك، ويحرفونه ويبدلونه، ولا يؤمنون به مع قيام الحجة عليهم؛ ولهذا قال تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ ءايَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأٌّلِيمَ ? (يونس:96 - 97)) ([18])

وأما ابن عاشور فذكر أنه لا يستقيم من الاحتمالات في معنى الآية إلا اثنان:

الأول: أن تبقى الظرفية التي دلت عليها " في" على حقيقتها، ويكون الشك قد أطلق وأريد به أصحابه؛ أي: فإن كنت في قوم أهل شك مما أنزلنا إليك، أي: يشكون في وقوع هذه القصص، كما يقال: دخل في الفتنة، أي في أهلها. ويكون معنى ? فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ ?: فاسأل أهل الكتاب سؤال تقرير وإشهاد عن صفة تلك الأخبار يخبروا بمثل ما أخبرتهم به، فيزول الشك من نفوس أهل الشك؛ إذ لا يحتمل تواطؤك مع أهل الكتاب على صفة واحدة لتلك الأخبار. فالمقصود من الآية إقامة الحجة على المشركين بشهادة أهل الكتاب من اليهود والنصارى قطعاً لمعذرتهم.

والاحتمال الثاني: أن تكون "في" للظرفية المجازية كالتي في قوله تعالى: ? فَلاَ تَكُ فِى مِرْيَةٍ مِّمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ ? (هود: 109)، ويكون سوق هذه المحاورة إلى النبي r على طريقة التعريض، لقصد أن يسمع ذلك المشركون فيكون استقرار حاصل المحاورة في نفوسهم أمكن مما لو ألقي إليهم مواجهة. وهذه طريقةٌ في الإلقاء التعريضي يسلكها الحكماء وأصحاب الأخلاق متى كان توجيه الكلام إلى الذي يقصد به مظنة نفور كما في قوله تعالى: ? لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ? (الزمر: 65). أو كان في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير