[الجامع لكلام الإمام الذهبي على الكتب]
ـ[عبدالرحمن الفقيه.]ــــــــ[17 - 10 - 03, 02:50 ص]ـ
هناك كتب متعددة تكلم عليها الحافظ الذهبي رحمه الله في سير أعلام النبلاء وغيرها، لعلي أبدأ بذكر بعضها ولعل الإخوة حفظهم الله يشاركون بما عندهم
1) كتاب الشفا في حقوق المصطفى للقاضي عياض رحمه الله
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء - الذهبي ج 20 ص 216:
قلت: تواليفه نفيسة، وأجلها وأشرفها كتاب " الشفا " لولا ما قد حشاه بالاحاديث المفتعلة، عمل إمام لا نقد له في فن الحديث ولا ذوق، والله يثيبه على حسن قصده، وينفع ب " شفائه "، وقد فعل، وكذا فيه من التأويلات البعيدة ألوان، ونبينا صلوات الله عليه وسلامه غني بمدحة التنزيل عن الاحاديث، وبما تواتر من الاخبار عن الآحاد، وبالآحاد النظيفة الاسانيد عن الواهيات، فلماذا يا قوم نتشبع بالموضوعات، فيتطرق إلينا مقال ذوي الغل والحسد، ولكن من لا يعلم معذور، فعليك يا أخي بكتاب " دلائل النبوة " للبيهقي، فإنه شفاء لما في الصدور وهدى ونور.
ـ[أبو عبدالعزيز الطائي]ــــــــ[17 - 10 - 03, 04:30 ص]ـ
2) كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي
قال في تاريخ الإسلام ونحوه في العبر في خبر من غبر:
أحداث ثمان وثمانين وأربعمائة. . . وفيها قدم الغزالي، رحمه اللّه، إلى الشّام متزهداً، وصنف كتاب "الإحياء" وأسمعه بدمشق، وأقام بها سنتين، ثمّ حج، وسار إلى خراسان.
وقال في سير أعلام النبلاء:
أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء ومنحرفي الصوفية، نسأل الله علماً نافعاً.
تدري ما العلم النافع؟ هو ما نزل به القرآن، وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم -قولاً وفعلاً- ولم يأت نهي عنه. قال عليه الصلاة والسلام: "من رغب عن سنتي فليس مني".
فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله، وبإدمان النظر في الصحيحين وسنن النسائي ورياض النواوي وأذكاره، تفلح وتنجح. وإياك وآراء عباد الفلاسفة ووظائف أهل الرياضات وجوع الرهبان وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة، فواغوثاه يالله، اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم.
ونقل الذهبي كلاماً في الإحياء عن عدد من الأئمة أقتصر على ما صرح بموافقته له منه -سواء في المضمون أو الأسلوب.
قال في تاريخ الإسلام:
وللإمام أبي عبد الله محمد بن علي المازري الصقلي كلام على الإحياء يدل على تبحره وتحقيقه، يقول فيه:
وبعد فقد تكررت مكاتبتكم في استعلام مذهبنا في الكتاب المترجم بإحياء علوم الدين، وذكرتم أن آراء الناس فيه اختلفت، فطائفة انتصرت وتعصبت لإشهاره، وطائفة منه حذرت وعنه نفرت، وطائفة لعيبه أظهرت، وكتبه حرقت، ولم تنفردوا أهل المغرب باستعلام ما عندي، بل كاتبني أهل المشرق مثل ذلك، فوجب عندي إبانة الحق.
ولم نتقدم إلى قراءة هذا الكتاب سوى نبذ منه، فإن نفس الله العمر، مددت في هذا الكتاب للأنفاس، وأزلت عن القلوب الالتباس.
وآعلموا أن هذا الرجل، وإن لم أكن قرأت كتابه، فقد رأيت تلامذته وأصحابه، فكل منهم يحكي لي نوعاً من حاله وطريقته، استلوح منها من مذاهبه وسيرته، ما قام لي مقام العيان، فأنا أقتصر في هذا الإملاء على ذكر حال الرجل، وحال كتابه، وذكر جمل من مذاهب الموحدين، والفلاسفة، والمتصوفة وأصحاب الإشارات، فإن كتابه متردد بين هذه الطرائق الثلاث، لا تعدوها، ثم أتبع ذلك بذكر حيل أهل مذهب على أهل مذهب آخر، ثم أبين عن طرق الغرور، وأكشف عما فيه من خيال الباطل، ليحذر من الوقوع في حبائل صائده
. . .
ثم ذكر المازري توهنة أكثر ما في الإحياء من الأحاديث. وقال:
عادة المتورعين أن لا يقولوا: قال مالك، قال الشافعي، فيما لم يثبت عندهم. وفي كتابه مذاهب وآراء في العمليات هي خارجة عن مذاهب الأئمة. واستحسانات عليها طلاوة، لا تستأهل أن يفتى بها. وإذا تأملت الكتاب وجدت فيه من الأحاديث والفتوى ما قلته، فيستحسن أشياء مبناها على ما لا حقيقة له، مثل قص الأظفار أن تبدأ بالسبابة، لأن لها الفضل على بقية الأصابع، لأنها المسبحة، ثم نقص ما يليها من الوسطى، لأنها ناحية اليمين، ونختم بإبهام اليمنى. وذكر في ذلك أثراً.
وقال: من مات بعد بلوغه ولم يعلم أن الباريء قديم، مات مسلماً إجماعاً! ومن تساهل في حكاية الإجماع في مثل هذا الذي الأقرب أن يكون فيه الإجماع يعكس ما قال، الحقيق أن لا يوثق بما فعل.
وقد رأيت له في الجزء الأول أنه ذكر أن في علومه هذه ما لا يسوغ أن تودع في كتاب! فليت شعري، أحق هو أو باطل؟ فإن كان باطلاً فصدق، وإن كان حقاً، وهو مراده بلا شك، فلم لا يودع في الكتب، ألغموضه ودقته؟ فإن كان هو فهمه، فما المانع لأن يفهمه غيره.
واسم كتاب المازري الكشف والإنباء عن كتاب الإحياء كما ذكر الذهبي في السير.
وقال في سير أعلام النبلاء:
وفي التوكل من الإحياء ما نصه:
وكل ما قسم الله بين عباده من رزق وأجل، وإيمان وكفر، فكله عدل محض، ليس في الإمكان أصلاً أحسن ولا أتم منه، ولو كان، وادخره تعالى مع القدرة ولم يفعله لكان بخلاً وظلماً!
قال أبو بكر ابن العربي في شرح الأسماء الحسنى:
قال شيخنا أبو حامد قولاً عظيماً انتقدهعليه العلماء فقال: وليس في قدرة الله أبدع من هذا العالم في الإتقان والحكمة، ولو كان في القدرة أبدع أو أحكم منه ولم يفعله لكان ذلك منه قضاء للجود، وذلك محال.
ثم قال:
والجواب أنه باعد في اعتقاد عموم القدرة ونفي النهاية عن تقدير المقدورات المتعلقة بها، ولكن في تفاصيل هذا العالم المخلوق لا في سواه، وهذا رأي فلسفي قصدت به الفلاسفة قلب الحقائق، ونسبت الإتقان إلى الحياة مثلاً، والوجود إلى السمع والبصر، حتى لا يبقى في القلوب سبيل إلى الصواب.
وأجمعت الأمة على خلاف هذا الاعتقاد، وقالت عن بكرة أبيها: إن المقدورات لا نهاية لها لكل مقدر الوجود لا لكل حاصل الوجود، إذ القدرة صالحة.
ثم قال:
وهذه وهلة لا لعا لها، ومزلة لا تماسك فيها، ونحن وإن كنا نقطة من بحره فإنا لا نرد عليه إلا بقوله.
قلت: كذا فليكن الرد بأدب وسكينة.
¥