تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الا ان السبات و ان طال فلابد – باذن الله – من يقظة و الغفلة و ان استمرت فلابد من صحوة و تنادى المصلحون من كل جانب ليعود المسلمون الى سابق عهدهم و سالف مجدهم و عادت الدعوة لتبعث الامة من جديد فكتب الدعاة العلماء يشخصون الداء و يصفون الدواء و برزت الحاجة الى هذا العلم بالحاح نظرا لما اكتنف الامة من جهالة و ما احاط بالعمل الدعوى من غموض فى بعض مفاهيمه و خلل فى بعض اصوله و اضطراب فى مناهجه و قصور فى اساليبه و جمود فى وسائله و خطورة فى نوازله و عقبات عملية فى طريقه تهدف الى وأده تارة و تشويهه و تعويقه تارة اخرى.

و قامت فى العصر الحديث نهضة دعوية و تيارات اسلامية و عرفت المؤسسات الدعوية و الاعلامية و تأسست الكليات الدعوية و الاقسام العلمية فى الجامعات الشرعية كل ذلك خدمة لقضية الدعوة و لا جرم ان كان تدوين هذا العلم فى اوله قاصرا محدودا ثم تكاملن و اجتمعت اجزاؤه و اركانه فاستوى و قام على سوقه و بلا شك فقد كان اوله – فى العصر الحديث – عاطفة و حماسا و ان لم يخل من تأصيل و تقعيد ثم ان آخره كان فقها و تقعيدا و ان لم يخل من عاطفة و تحميس.

فلا عجب ان يستفيد اللاحق من السابق فيؤصل للدعوة مناهجها و يضبط وسائلها و اهدافها و يبصرها بمواضع الزلل و مكامن الخلل و مواطن الرشد و اسباب العلاج و قديما قيل: كم ترك الأول للآخر؟

و مما تجدر ملاحظته ان التصنيف الخاص فى الدعوة الى الله اخذ فى بادىء الامر سمة الوعظ و التذكير و المخاطبة بما يرقق القلوب و يزهد فى الدنيا و يرغب فى الاخرة حيث عرفت ابواب الرقائق فى عامة كتب الحديث كالصحاح و السنن و افردت ابواب الزهد بكتب مستقلة كالزهد للامام ابن المبارك و الزهد للامام احمد و نحو ذلك مما يشتمل على دعوة النفس و محاسبتها.

ثم جاء ابن الجوزى بكتابه الوعظى " التبصرة " و قد جمعت خطبه و مجالس وعظه فى اسفار عديدة مثل " اللطف فى الوعظ " و " الشفاء فى موعظة الحكامو الخلفاء " ثم الف كتابا بعنوان " القصاص و المذكرين "ضمنه طائفة من القواعد الاساسية فى الدعوة الى الله و بيانا لكيفية الدعوة و آداب الداعى و شروطه كما ضمنه تراجم مجموعة من القصاص و المذكرين و نتفا مضيئة من جوامع الكلم و روائع البيان عن الصحابة فمن بعدهم و قد سمى ابن الجوزى هذا الفن باسماء ثلاثة: القصص و التذكير و الوعظ فلو قيل ان ابن الجوزى المتوفى عام 597 هـ رحمه الله هو واضع هذا الفن لم يكن بعيدا. على ان الوعظ و التذكير و القصص كلها تندرج تحت معنى واحد هو الدعوة الى الله بالكلام او بالخطابة و ما ورد عن السلف من ذم للقصاص فمحمول على ما لم يكن فيه علم الكتاب و السنة او ما لم يتحر اصحابه فيه الصدق و الصواب و الاخلاص.و لقد عنى العلماء بالتفصيل فى مسائل علاج النفوس و مداواتها فضرب الغزالى بسهم وافر فى كتابه " منهاج العابدين " و ابواب من " احياء علوم الدين " و كذا ابن حزم فى كتابيه " علل النفوس ومداواتها " و " الاخلاق و السير

و اوفى على الغاية شيخا الاسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم فى كتبهما النافعة لا سيما

" مدارج السالكين " لابن القيم فى شرح " منازل السائرين " لأبى اسماعيل الهروى و كتاب

" حادى الارواح " و" الفوائد " و غيرها و " التحفة العراقية فى الاعمال القلبية " لابن تيمية غير ذلك.

و ما زال اهل العلم يضعون كتبا فى الوعظ و فى الخطابة تارة و فى تربية النفوس و رياضتها تارة اخرى و ربما جمعوا بين السير و التراجم من جهة و الدعوة الى اصلاح النفوس من جهة اخرى كما فعل ابو نعيم الاصبهانى فى كتابه " حلية الاولياء و طبقات الاصفياء " و الامام الذهبى فى " سير اعلام النبلاء "

و ربما جمعوا بين السيرة النبوية و الفقه و الدعوة الى الاقتداء و التأسى كما فعل ابن القيم فى كتابه " زاد المعاد فى هدى خير العباد". و ربما تضمنت كتب الآداب هذا المعنى ككتاب

" ادب الدنيا و الدين " للماوردى و " الآداب الشرعية " لابن مفلح الحنبلى , كما صنفت كتب مبكرة فى الحسبة و احكامها و آدابها ككتابى " الامر بالمعروف و النهى عن المنكر " لابن الخلال و لابن تيمية و " معالم القربة فى احكام الحسبة " لابن الأخوة الشافعى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير