قال: فتهافتهم في التشبيه أحب إلينا من إغراقهم في التنزيه، لان التشبيه يغمسهم في الاثبات، فيخافون ويرجون، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي، فلا طمع ولا مخافة في النفي، ومن تدبر الشريعة، رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالالفاظ الظاهرة التي لا يعطي ظاهرها سواه، كقول الاعرابي: أو يضحك ربنا؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم (3)، فلم يكفهر لقوله، تركه وما وقع له.
قلت: قد صار الظاهر اليوم ظاهرين: أحدهما حق، والثاني باطل، فالحق أن يقول: إنه سميع بصير، مريد متكلم، حي عليم، كل شئ هالك إلا وجهه، خلق آدم بيده، وكلم موسى تكليما، واتخذ إبراهيم خليلا، وأمثال ذلك، فنمره على ما جاء، ونفهم منه دلالة الخطاب كما يليق به تعالى، ولا نقول: له تأويل يخالف ذلك.
والظاهر الآخر وهو الباطل، والضلال: أن تعتقد قياس الغائب على الشاهد، وتمثل البارئ بخلقه، تعالى الله عن ذلك، بل صفاته كذاته، فلا عدل له، ولا ضد له، ولا نظير له، ولا مثل له، ولا شبيه له، وليس كمثله شئ، لا في ذاته، ولا في صفاته، وهذا أمر يستوي فيه الفقيه والعامي، والله أعلم.
قال السلفي: سمعت ابن عقيل يقول: كان جدي كاتب بهاء الدولة بن بويه، وهو الذي كتب نسخة عزل الطائع، وتولية القادر، وهي عندي بخط جدي.
وقال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: حكى ابن عقيل عن نفسه قال: حججت، فالتقطت عقد لؤلؤ في خيط أحمر، فإذا شيخ أعمى ينشده، ويبذل لملتقطه مئة دينار، فرددته عليه، فقال: خذ الدنانير، فامتنعت، وخرجت إلى الشام، وزرت القدس، وقصدت بغداد، فأويت بحلب إلى مسجد وأنا بردان جائع، فقدموني، فصليت بهم، فأطعموني، وكان أول رمضان، فقالوا: إمامنا توفي فصل بنا هذا الشهر، ففعلت، فقالوا: لامامنا بنت، فزوجت بها، فأقمت معها سنة، وأولدتها [ولدا ذكرا]، فمرضت في نفاسها، فتأملتها يوما فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الاحمر، فقلت لها: لهذا قصة، وحكيت لها، فبكت، وقالت: أنت هو والله، لقد كان أبي يبكي، ويقول: اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد العقد علي، وقد استجاب الله منه، ثم ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد (1).
وحكى عن نفسه قال: كان عندنا بالظفرية دار، كلما سكنها ناس
أصبحوا موتى، فجاء مرة رجل مقرئ، فاكتراها، وارتضى بها، فبات بها وأصبح سالما، فعجب الجيران، وأقام مدة، ثم انتقل، فسئل، فقال: لما بت بها، صليت العشاء، وقرأت شيئا، وإذا شاب قد صعد من البئر، فسلم علي، فبهت، فقال: لا بأس عليك، علمني شيئا من القرآن، فشرعت أعلمه، ثم قلت: هذه الدار، كيف حديثها؟ قال: نحن جن مسلمون، نقرأ ونصلي، وهذه الدار ما يكتريها إلا الفساق، فيجتمعون على الخمر، فنخنقهم، قلت: ففي الليل أخافك، فجئ نهارا، قال: نعم، فكان يصعد من البئر في النهار، وألفته، فبينما هو يقرأ، إذا بمعزم في الدرب يقول: المرقي من الدبيب، ومن العين، ومن الجن، فقال: أيش هذا؟ قلت: معزم، قال: اطلبه، فقمت وأدخلته، فإذا بالجني قد صار ثعبانا في السقف، فعزم الرجل، فما زال الثعبان يتدلى حتى سقط في وسط المندل، فقام ليأخذه ويضعه في الزنبيل، فمنعته فقال: أتمنعني من صيدي؟! فأعطيته دينارا وراح، فانتفض الثعبان، وخرج الجني، وقد ضعف واصفر وذاب، فقلت: مالك؟ قال: قتلني هذا بهذه الاسامي، وما أظنني أفلح، فاجعل بالك الليلة، متى سمعت في البئر صراخا، فانهزم.
قال: فسمعت تلك الليلة لنعي، فانهزمت.
قال ابن عقيل: وامتنع أحد أن يسكن تلك الدار بعدها (1).
أخبرنا إسحاق بن طارق، أخبرنا أبو البقاء يعيش، أخبرنا عبد الله ابن أحمد الخطيب، أخبرنا علي بن عقيل الفقيه، أخبرنا أبو محمد
الجوهري، أخبرنا القطيعي، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عباس، إذ أتاه رجل، فقال: إنما معيشتي من التصاوير، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من صور صورة، عذبه الله يوم القيامة حتى ينفخ فيها، وليس بنافخ فيها أبدا ")))))))) -منقول من الشاملة-
ونقل الشيخ المقدم فى علو الهمة ص 197 عن شيخ الإسلام بن تيمية (إنه من أذكياء العالم)
وأخيرا
قال الذهبى ( ......................... ولو أنا كلما أخطأ إمام فى اجتهاده فى احاد المسائل خطأ مغفورا له قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ولا من هو أكبر منهما والله هو هادى الخلق إلى الحق وهو أرحم الراحمين فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة) السير-14/ 40
ـ[أبو الحارث الحنبلي]ــــــــ[07 - 05 - 08, 03:04 م]ـ
وحنبلية ابن عقيل معروفة، لم يتنكر لها، ولم ينكرها عليه غيره، بما في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية. أما قصة اتهامه بالاعتزال، فهي معروفة، كما أن قصة توبته معروفة أيضا. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: من اتهمه بالاعتزال بادئ الأمر؟ ومن استتابه؟
قال أبو الحارث: سؤالٌ مهم .. لم أجدْ له جواباً ..
وقد اطلعت على كتاب الفنون، فوجدت فيه تحريرات في إثبات الصفات غاية في الإقناع،
قال أبو الحارث: وقد وقفت على شيءٍ من ذلك ..
^^^^^
¥