تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولعل أول من نسبه إليه هو ابن عبد الهادي في ترجمة ابن رجب في كتابه الجوهر المنضد، فقد ساقه عنه في جملة ما ساقه من مصنفات ابن رجب الكثيرة

وعنوان هذا الكتاب قريب جداً من عنوان كتاب جمال الدين جد يوسف ابن عبد الهادي واسمه: "التحفة والفائدة في الأدلة المتزايدة على أن الطلاق الثلاث واحدة" ()

والذي كان موضوعه الرد على ابن رجب رحمه الله.

ولذا؛ فلا أستبعد أن يكون نسب خطأ إلى ابن رجب، والتغيير الطفيف في الكتاب ليس بذاك فالعنوانان على وزن واحد، ويمكن أن يكون عنوانه الكامل كما يلي: "التحفة والفائدة في الأحاديث والآثار المتزايدة في أن الطلاق الثلاث واحدة."

وهب أن الكتاب لابن رجب تنزلاً ثم انتقل ابن رجب إلى قوله الجديد فكيف يرد جمال الدين عل قول ابن رجب الجديد بنسق عنوان ابن رجب القديم!!

كما أن يوسف ابن عبد الهادي لم ينقل لا عن ابن رجب ولا عن جده ما يفيد رجوع ابن رجب عن قوله القديم، مع عنايته بهذه المسألة وحكايته ما دار بينهما، حتى ساق في ذلك غليظ الكلام، ولو كان لابن رجب قولان في المسألة لعرَّض به جمال الدين، ولحكاه عنه حفيده ابن عبد الهادي؛ أليس هو من استفدنا من كتابه أن لابن رجب كتابٌ في وقوع الطلاق واحدة؟!

ويؤكد أيضا وهم هذه النسبة أن ابن عبد الهادي ذكر هذا الكتاب عن ابن رجب في ترجمته ولم يذكر الكتاب الآخر وهو "مشكل الأحاديث" والذي أكثر من النقل عنه في كتابه "سير الحاث" مما يدل على أنه ليس لابن رجب إلا كتاب واحد

وأخيراً، ومن حيث ما انتهينا؛ فيبدو والله أعلم أن ما وقع في كتاب ابن عبد الهادي "الجوهر المنضَّد" هو وهم أو ذهول وسبق قلم،

وإلا فإن ابن عبد الهادي هو أخبر الناس بما دار بين ابن رجب وجده في وقوع الطلاق ثلاث، وإنما منعنا من اعتبار صحة هذه النسبة هو إعراضه عن ذكر هذا الكتاب في الموضع الذي بسط فيه المسألة، فقد وجدناه في الموضع المبسوط لا يحكى عن ابن رجب إلا قولا واحدا في المسألة وإلا كتابا واحدا له، وإنما الكتاب الذي نسبه إليه في ترجمة ابن رجب يشبه كتاب جده في الرد على ابن رجب.

والآن إليكم بعض النقولات التي أوردها ابن عبد الهادي في كتابه "سير الحاث" عن كتاب ابن رجب المفقود "مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة" والذي ساق من أقواله فيه ما يؤكد جزم ابن رجب بهذه المسألة، بتفاصيل دقيقة تنساب من منهجه المعروف، مما يجعل اعتبار قولين له في المسألة هو أمر مستبعد جداً، لاسيما مع ما سبق ذكره من قرائن ومرجحات.

يقول ابن رجب في معرض جوابه عن حديث ابن عباس المشهور:

فهذا الحديث لأئمة الإسلام فيه طريقان:

أحدهما: وهو مسلك الإمام أحمد ومن وافقه ويرجع إلى الكلام في إسناد الحديث بشذوذه، وانفراد طاووس به، وأنه لم يتابع عليه، وانفراد الراوي بالحديث وإن كان ثقة هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه، وأن يكون شاذا ومنكرا إذا لم يرو معناه من وجه يصح.

وهذه طريقة أئمة الحديث المتقدمين: كالإمام أحمد، ويحيى القطان، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وغيرهم، وهذا الحديث لا يرويه عن ابن عباس غير طاووس.

قال الإمام أحمد في رواية ابن منصور: كل أصحاب ابن عباس يعني روى خلاف ما روى طاووس.

وقال الجوزجاني: هو حديث شاذ قال: وقد عنيت بهذا الحديث في قديم الدهر فلم أجد له أصلا.

قال المصنف:

ومتى أجمع الأمة على اطِّراح العمل بحديث وجب اطراحه، وترك العمل به.

وقال ابن مهدي: لا يكون إماما في العلم من عمل بالشاذ.

وقال النخعي: كانوا يكرهون الغريب من الحديث.

وقال يزيد بن أبي الحبيب: إذا سمعت الحديث فأنشده كما تنشد الضالة فإن عرف وإلا فدعه.

وعن مالك: شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس.

وفي هذا الباب شيء كثير لعدم جواز العمل بالغريب وغير المشهور.

قال ابن رجب:

وقد صح عن ابن عباس – وهو راوي الحديث – أنه أفتى بخلاف هذا الحديث ولزوم الثلاث المجموعة، وقد علل بهذا أحمد والشافعي كما ذكره في المغني.

وهذه أيضا علة في الحديث بانفرادها، فكيف وقد ضم إليها علة الشذوذ والإنكار وإجماع الأمة؟

وقال القاضي إسماعيل في كتاب "أحكام القرآن": طاووس مع فضله وصلاحه يروي أشياء منكرة، منها هذا الحديث.

وعن أيوب: أنه كان يعطب من كثرة خطأ طاووس.

وقال ابن عبد البر: شذ طاووس في هذا الحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير