تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أتجول في شوارعهم والأسى يغمرني، والحزن يتملكني، والحسرة تؤنبني، والأسئلة تراودني وتعاودني: "كيف يمكن لهؤلاء أن يعيشوا بدون دين ولا انضباط ولا انقياد ولا استقامة أم كيف يمكن للمسلمين أن يقتدوا بمثل هؤلاء الذين لا إيمان لهم ولا قيم؟ فلما عدت إلى أرض الجزائر المسلمة تحركت فطرتي لتوحيد الله، وتزلزلت غيرتي على الدين، وقويت حميتي على القيم وازداد إعجابي بالإسلام كمنهج حياة للمسلمين، لما رأيت من اعوجاج الناس وفساد دينهم ودنياهم فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، فلما بلغت الثالث الثانوي رسبت في امتحان البكالوريا وضاقت سبل كسب الرزق وطلب الحلال وكبر الوالد وأصاب بلادنا أزمة اقتصادية وصل فيها ثمن برميل البترول 5 دولارات وتراكمت الديون على الشعب الجزائري حتى وصلت إلى أكثر من 26 مليار دولار فاضطررت للعمل لكسب لقمة العيش، فتقدمت إلى مؤسسة الكهرباء والغاز بطلب التوظيف ونجحت في الامتحان فتوظفت كموظف مكتب في حي تيليملي لمدة ثلاث سنوات فتفرغت فيها لطلب العلم ومجالسة الشيوخ للإستفادة منهم كالشيخ أحمد سحنون، والشيخ عبد الباقي صحراوي، والشيخ علي بن الحاج، والشيخ محمد سعيد رحمه الله، والشيخ محفوظ نحناح، وغيرهم من المشايخ فقويت الصحوة الإسلامية سنة 1987م وازدادت وعيا وعددا فامتلأت المساجد وأقبل الناس على حلق الذكر والشريط والكتاب الإسلامي فكثر دعاة الخير وأنصار الدعوة وظهر الإلتزام والسنة بقوة في أوساط الشباب وانفتح الطلبة على فتاوى المذاهب السنة ومشايخ الدعوة السلفية التي قادها أئمة السنة الكبار مثل هيئة كبار العلماء والشيخ ابن باز والألباني وابن عثيمين والأرناؤوط.

بعد سنة 1987م لاحظ الخبراء والمختصون والإحصائيون عودة الأمة إلى التدين بقوة وأصبح الناس يسألون عن الفقه ويبحثون عن مسائل دينهم بالدليل والحجة والبيان وظهرت بداية ثمرة العمل الدعوي السنة فامتلأت المساجد بعد أن كانت فارغة إلا من الشيوخ وأصبح الشباب والطلبة يعمرون المساجد ويحافظون على الصلوات ويجالسون الدعاة وطلب العلم ويأخذون عنهم العلم الشرعي والتوجيه الديني والخلق الإسلامي والهدي النبوي، ولقد بكى كثير من مشايخ جمعية علماء المسلمين لهذا الخير الكثير الذي يحتاج إلى توجيه كبير، وأخبرني الشيخ جبروني " الأخضر": (لو رآى ابن باديس الصحوة الإسلامية المباركة آواخر الثمانينات وبداية التسعينات لبكى حتى يغمى عليه) فقلت له ولماذا يا شيخ؟ قال لي: كان رحمه الله إذا رآى طلبة العلم الشباب في المسجد يصلون ويطلبون العلم يبكي ويقول: يا نشأ أنت رجاءنا ... وبك الصباح قد اقترب وبفضل الله تعالى عاد الكثير من الناس إلى طريق الاستقامة والرشاد وعمروا المساجد، ولبس كثير من النساء لباس الستر والاحتشام والحجاب الشرعي والجلباب الفضفاض الواسع، وظهرت ملامح الخير وبوادر الصلاح والاستقامة، وكنت أحضر محاضرات العلماء وندوات الدعاة، ومجالس الشيوخ وكذا ملتقيات الوافدين على الجزائر مثل الشيخ أبي بكر الجزائري، والشيخ محمد الغزالي، والشيخ يوسف القرضاوي، والشيخ عبد المجيد الزنداني، وغيرهم من مشايخ وعلماء الدعوة الإسلامية، أيام ندوات حول الفكر الإسلامي الصحيح"، ثم تفجر الوضع الإجتماعي والسياسي سنة 1988م بسبب التغيرات في التوجه والآراء وسياسة النظام وكذلك لضيق المعيشة وطلب لقمة العيش من طرف الشعب ولتحسين الوضعية بالنسبة للعمال والطلبة والنخبة الفكرية، فحدث ما حدث فبدأ عصر التنفس والحرية والانفتاح بعد عهدة الإنغلاق فهذه المرحلة من تاريخ البلدة لها إيجابيتها وسلبيتها ومن إيجابيات هذه المرحلة عودة المسلمين إلى بيت الله تعالى ورجوعهم إلى الطلبة والدعاة والعلماء فاكتظت الطرقات بالمصليين وأنشأت الجمعيات الخيرية والمنتديات الدينية بسبب بروز الصحوة العلمية الدينية بين فئة الشباب على وجه الخصوص، وكنت أجلس إلى الشيخ سحنون وأستفيد من طريقة تدريسه وإلقاءه، جلست وكذا الشيخ جبروني، والشيخ علي بن الحاج أيام تفرغه للدعوة إلى الله تعالى وغيره من دعاة الجزائر، ولكن الأشغال الخيرية أخذت كثيرا من وقتي (لأني كنت أشتغل في تكوين الطلبة والعمل وكذلك أنشط مع الجمعيات الخيرية وأشارك في إصلاحات الأحياء ولجانها، وأجتهد في دعوة الشباب للتخلي عن الخمر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير