تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانيًا: أنها توجب إعراض القلب عما هم فيه من الموعظة الحقيقية، وهو القرآن والسنة؛ فلا ينبغي للإنسان أن يتخذها سبيلاً إلى الموعظة.

نعم لو فرض أن إنسانًا في حالة خمول وركود، واستمع إليها بعض الأحيان؛ فهذا لا بأس به، بشرط ألا تكون على سبيل التلحين أو مصحوبة بموسيقى أو آلة عزف؛ فإنه في هذه الحالة يكون حرامًا" اهـ السابق ص12.

ثالثًا: فتوى الشيخ الألباني -رحمه الله-:

"كل باحث في كتاب الله -تعالى-، وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيما كان عليه السلف الصالح لا يجد مطلقًا هذا الذي يسمونه بالأناشيد الدينية ولو أنها عُدلت عن الأناشيد القديمة التي كان فيها الغلو في مدح الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

حسبنا في الاستدلال على إنكاره هذه الأناشيد أمران:

الأول: أنه ليس من هدي سلفنا الصالح -رضي الله عنهم-.

الثاني: وهو من الواقع -فيما ألمس وأشهد- خطير أيضًا، ذلك لأننا بدأنا نرى الشباب يلتهي بهذه الأناشيد الدينية ويتغنون بها كما يقال قديمًا "هجيراه" دائمًا وأبدًا، وصرفهم ذلك عن الاعتناء بتلاوة القرآن، وذكر الله -تعالى-، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- حسب ما جاء في الأحاديث الصحيحة، ولعل من أجل هذا وغيره من الانحراف قال -صلى الله عليه وسلم-: (تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا) (رواه مسلم)، وكذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ) (رواه البخاري)، فالمفروض في الشباب المسلم أن يدندن دائمًا وأبدًا على تلاوة القرآن، وأن يتغنى به، وليس المقصود بطبيعة الحال التغني به هو: التطريب الذي يخالف أيضًا هدي السلف الصالح، وإنما قراءته بالتجويد والترتيل كما جاء في علم التجويد الصحيح ... إلى أن قال: "إذا علمنا هذا كله تبين لنا أن هذه الأناشيد لا يجوز التعبد بها، ولا يجوز استعمالها لا سيما وقد اقترنت بالمحذور السابق أنها صرفت الشباب عن العناية بكتاب الله -تبارك وتعالى- وتلاوته، ولعل فيما ذكرنا ذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين" اهـ ملخصًا من المصدر السابق ص27 - 36.

وقال في فتوى أخرى: "أضف إلى ذلك أن بعضهم أخذ يضرب عليها بالدف، وهذا من كمال ما أوحى الشيطان إليهم وزين لهم سوء عملهم" السابق ص37.

الشعر والمسجد

لا بأس من إنشاد الشعر في المسجد إذا كان بهذه الضوابط كما كان شعر "حسان بن ثابت" -رضي الله عنه-؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضع لحسان منبرًا في المسجد فيقوم عليه يهجو من قال في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ مَعَ حَسَّانَ مَا نَافَحَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

ولما لحظ عمر -رضي الله عنه- إلى حسان وهو يُنشد في المسجد، قال حسان -رضي الله عنه-: "قَدْ كُنْتُ أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ" (رواه مسلم).

وقال ابن حجر -رحمه الله-: "والذي يتحصل من كلام العلماء في حد الشعر الجائز أنه إذا لم يكثر منه في المسجد، وخلا عن هجو، وعن الإغراق في المدح والكذب المحض، والتغزل بمعين لا يحل. وقد نقل ابن عبد البر الإجماع على جوازه إذا كان كذلك" اهـ من الفتح 10/ 662.

الشعر والخُطب

قال الشيخ بكر أبو زيد -رحمه الله-:

"لا أعرف في خُطب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا في خطب الصحابة -رضي الله عنهم- الاستشهاد بالشعر ببيت فصاعدًا، وعلى هذا جرى التابعون لهم بإحسان، فقد استمرأ بعض الخطباء في القرن الرابع عشر تضمين خطبة الجمعة البيت من الشعر فأكثر، بل ربما صار الاستشهاد بمقطوعات شعرية متعددة، وربما كان إنشاد بيت لمبتدع أو زنديق أو ماجن.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير