[فضيلة حسن الاستماع ... (منقول)]
ـ[أحمد بن عباس المصري]ــــــــ[07 - 07 - 10, 12:23 ص]ـ
حُسن الاسمتاع
أخي الحبيب , اعلم - علمني الله و إياك و جعل الجنًّة منتهى مسعاي و مسعاك - أن من أدب المروءة حسن إصغاء الرجل لمن يحدثه من الإخوان فإن إقباله على محدثه بالإصغاء إليه بالأذن و طرف العين و حضور القلب و إشراقة الوجه يدل على ارتياحه لمجالسته و أنسه بحديثه.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ((لجليسي عليَّ ثلاثٌ: أن أَرميه بطَرفي إذا أقبل و أن أُوِّسعَ له في الَمجلس إذا جلس , و أن أصغي إليه إذا تحدث)) (2)
و قال عمرو بن العاص - رضي الله عنه - ((ثلاثةٌ لا أملّهم: جليسي ما فهم عنّي , و ثوبي ما سترني , و دابّتي ما حملت رحلي)) (3)
و قال الحسن البصري: ((إذا جالست فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول , و تعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن القول , و لا تقطع على أحد حديثه)) (4)
و قال معاذ بن سعد الأعور: ((كنت جالساً عند عطاء بن أبي رباح , فحدّث رجل بحديث , فعرّضَ رجلٌ من القومِ في حديثه , و قال: ما هذه الطباع؟! , إني لأسمع الحديث من الرجل و أنا أعلم به , فأريه كأني لا أحسن شيئاً)) (5)
و قال المدائني: (أوصي خالد بن يحيى ابنه , فقال: ((يا بُنيَّ , إذا حدَّثكَ جليسُكَ حديثاً فأقبل عليه ,و أصغِ إليه , ولا تقل: قد سمعته , و إن كنت أحفظ منه , فإن ذلك يكسبك المحبة و الميلَ إليك)) (6)
و قال إبراهيم بن الجنيد: قال حكيم ٌ لابنه: ((يا بُنَيَّ , تعلم حُسنَ الاستماعِ كما تتعلم حسن الكلام , فإن حسن الاستماع إمهالك المتلكم حتى يفضي إليك بحديثه , و الإقبال بالوجه و النظر , و تركُ المشاركة بحديث أنت تعرفه)) (7)
و قال ابنُ المقفّع: ((إذا رأيتَ رجلاً يحدث حديثاً قد علمته , أو يخبر خبراً قد سمعته , فلا تشارك فيه , و لا تتعقبه عليه حرصاً على أن يعلم الناس أنك قد علمتهُ , فإن ذلك خفة ٌ و سوء أدب و سخفٌ)) (8)
و قال أيضاً: ((من الأخلاق التي أنت جديرٌ بتركها إذا حدّث الرجل حديثاً تعرفه ألا تُسابقه , و تفتحهُ عليه و تشاركه , حتى كأنك تظهر للناس أنك تريد أن يعلموا أنك مثل الذي يعلم , و ما عليك إلا أن تهنئه بذلك , و تفرده به , و هذا الباب من أبواب البخل , و أبوابه الغامضة كثيرة)) (9)
و أنشد الخطيب البغدادي في هذا المقام:
ولا تشارك في الحديث أهلهُ ******* و إن عرفتَ أصلهُ و فرعهُ
فعليك َ - أخي الحبيب - أن تحسن الاستماع لمحاورك ,: حتى يستكمل حججهُ و براهينهُ , و إن كان ما تسمعه منه شبه الوسواس , فإن كان فيه حقٌ استخلصه , ثم استفد منه , و إن كان فيه خطأٌ , استخرج جذورره و دافعه , و الشبهات التي أدت إليه.
قال الخطيبالبغدادي في ذكر أدب الجدل و المناظرة: ((و إذا وقع له شيىءً في أول كلام الخصم , فلا يعجل بالحكم عليه , فربما كان في آخر كلامه ما يبين أن الغرض بخلاف الواقع له , فينبغي أن يتثبت إلى أن ينقضي الكلام , و بهذا أدب الله تعالى نبيه - صلى الله عليه و سلم - في قوله: {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْما} [طه: 114].
و يكون نطقة بعلم و إنصاته بحلم , ولا يعجل إلى جواب , و لا هجم على سؤال , يحفظ لسانه من إطلاقه بما لا يعلم , و من مناظرته فيما لا يفهم , فإنه ربما أخرجه ذلك إلى الخجل و الانقطاع))
ثم قال: ((و ينبغي أن يكون كل واحد من الخصمين مقبلاً على صاحبه بوجهه في حال مناظرته , مستمعاً كلامه إلى أن ينهيه. فإن ذلك طريق معرفته , و الوقوق على حقيقته , و ربما كان في كلامه ما يدل على فساده , و ينبه عواره , فيكون ذلك معونةً له على جوابه))
إلى أن قال: ((و ليتقِ المناظر مداخلة خصمه في كلامه , و تقطيع عليه و إظهار التعجب منه , و ليمكنه من إيراد حجته , لإإنما يفعل ذلك المبطلون , و الضعفاء الذين لا يحصلون)) (10)
¥