ـ[صالح الرويلي]ــــــــ[15 - 07 - 10, 02:56 ص]ـ
تاريخ وتطور
الدعوة الإسلامية في اليابان
بقلم
د. صالح مهدي السامرائي
رئيس المركز الإسلامي في اليابان
[email protected]
درست في اليابان بجامعة طوكيو - كلية الزواعة من 1960 - 1966م, وعدت أستاذاً بجامعة الملك سعود بالرياض ثم بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. وقد لا حظت أننا الطلبة العرب المتخرجون من الجامعات اليابانية حينما نعود إلى بلادنا نرجع ونحن مفتونين بالبلد الذي درسنا فيه. وهذا طبيعي أن يتأثر الإنسان بالبلد الذي قضى فيه أزهى فترة من حياته يتذكره دائماً, ولكن الملاحظ أننا نحن العرب الذي درسنا في اليابان نزيد في الحديث عنها إعجاباً وثناءاً, فلا يخلو مجلس نحضره من التطرق لليابان ونجر الحديث عنها جراً , ولعل لذلك أسباباً كثيرة منها: التشابه في كثير من الطبائع والعادات المشتركة لكوننا شرقيين في نظراتنا للحياة. ومن الأمثلة التي كنت أضربها لذلك أن زوجتي مرضت في أحد الأيام بطوكيو في 1975م ورقدت في إحدى المستشفيات وكانت ترقد معها في نفس الغرفة إمرأة يابانية عجوز تقارب الثمانين من العمر وكانت زوجتي ترقد في مدخل الغرفة والسيدة اليابانية في مؤخرة الغرفة, مع وجود حاجز بسيط متحرك بينهما. وكان يزور السيدة اليابانية إبنها البالغ من العمر حوالي الستين عاماً. فإذا دخل إبنها الغرفة وزوجتي راقدة في المدخل يضع كفه بجانب وعينية ويدير رأسه بعيداً لكي يتحاشى النظر إلى زوجتي, تماماً كما يفعل العرب بمثل هذه الحالات.
هذا بالإضافة إلى أن التجربة اليابانية في التقدم المستمر في ميادين العلوم والتكنولوجيا, وهي بلد شرقي كانت مثار إعجاب العرب والمسلمين الشرقيين, وشجعهم هذا التقدم في ذب التهم عن أنفسهم في ان الشرقي لا يمكن أن يتقدم, كما حفزهم للتطلع إلى أن يصلوا إلى ما وصلت إليه اليابان , إلى غير ذلك من العوامل الأخرى.
وفي إحدى الأمسيات من عام 1972م في الندوة الإسبوعية التي تعقد كل خميس في الرياض عند المرحوم عبد العزيز الرفاعي الأديب والمؤرخ والرحالة السعودي حيث يجتمع عنده رجال العلم والأدب في المجتمع السعودي من سعوديين وعرب مقيمين وزائرين, أثرت في تلك الأمسية كالعادة موضوع اليابان واليابانيين, وإذا بأخ سعودي من هواة جمع الكتب النادرة وهو الأستاذ محمد الحمدان يهمس بأذني قائلاً: عندي كتاب " الرحلة اليابانية " للسيد علي أحمد الجرجاوي المؤلف عام 1907م, فطرت فرحاً. وفي جلسة الأسبوع التالي أحضر لي الكتاب وأطلعت عليه, وكنت أعلم حرص هواة الكتب عليها فلم أتجرأ على تصوير الكتاب خصوصاً وأن أوراقه قديمة تتكسر أثناء التصوير, وقد صبرت على الرجل خمس سنوات وكنت حينها قد عدت لليابان ثانية (1973 - 1978م) وفي زيارة للرياض من طوكيو عام 1976 قابلته ودعاني للغداء في فندق الإنتركونتننتال وحينذاك تجرأت وطلبت منه تصوير الكتاب فأذن لي بذلك. ومنذ عام 1972م وأنا في كل تقرير أو حديث أو مقابلة صحفية عن اليابان أذكر السيد علي الجرجاوي الذي ذهب إلى مؤتمر الأديان عام 1906م وشكل جمعية إسلامية هو وشخص هندي وآخر صيني وثالث روسي, وبدأوا يدعون إلى الإسلام وأدعى الجرجاوي أن 12 ألف ياباني إعتنقوا الإسلام, نصفهم خلال زيارته التي دامت 31 يوما.
ومن هنا بدأ إهتمامي بدراسة العلاقات اليابانية الإسلامية وتاريخ الإسلام في اليابان فعلمت عن زيارة عبد الرشيد إبراهيم التركي التتري لليابان وكتابه بالتركية "عالم إسلام" وعلمت بعدها أن النسخة الوحيدة في اليابان موجودة في جامعة واسيدا فصورتها والكتاب باللغة العثمانية أي بالخط العربي. وبحثت عن مترجم للعربية لمدة ست سنوات فترجمها لي شيخ سوري هو محمد صبحي فرزات وبعدها بعشر سنوات عاد وترجمها لي رجل سوري آخر هو السيد كمال خوجة وأقوم الآن على تصحيح الترجمة هذه ومراجعتها بنفسي لنشرها بالعربية. وكنت أتمنى أن يترجم الجزء الخاص باليابان من الكتاب إلى اليابانية فاذا بالبروفسور إيتاجاكي يخبرني عن أن هذا الجزء ترجم من قبل البروفسور كوماتسو الأستاذ بجامعة طوكيو حالياً, وهو جهد يشكر عليه.
بركة الله ونودا ويامادا
¥