تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[نظريات نشأة اللغة]

ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[27 - 08 - 2010, 07:37 ص]ـ

اهتم الباحثون منذ أقدم العصور بموضوع نشأة اللغة، وربما كان موضوع نشأة اللغة من أقدم المشاكل التي جابهت عقل الإنسان؛ فكثرت الآراء في ذلك:

1 - نظرية التوقيف: وتذهب إلى أن اللغة وحي من عند الله، وقد قال بهذه النظرية ابن فارس في الصاحبي وغيره، ودليل هؤلاء دليل نقلي لا عقلي، وهو قوله تعالى: " وعلّم آدم الأسماء كلها ". وعلم اللغة اليوم يرفض هذه النظرية ويمكن أن تخرج الآية على أن الله أقدر الإنسان على وضع الألفاظ.

2 - نظرية الاصطلاح: وتذهب إلى أن اللغة ابتدعت بالتواضع والاتفاق، ومن أنصار هذه النظرية ابن جني وغيره، وليس لهذه النظرية دليل، غير أنهم يشيرون إلى أن كل شيء لا يرتجل ارتجالا بل يتكون بالتدرج والاتفاق.

3 - نظرية محاكاة أصوات الطبيعة أو نظرية البو - وو bow-wow : وتهب إلى أن أصل اللغة محاكاة أصوات الطبيعة، كأصوات الحيوان وأصوات مظاهر الطبيعة، والتي تحدثها الأفعال عند وقوعها، وقد عرض ابن جني لرأي أصحاب هذه النظرية فقال: " وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها إنما هو من الأصوات المسموعة، كدوي البحر، وحنين الرعد، وخرير الماء، وشحيج الحمار، ونعيق الغراب، وصهيل الفرس، ونزيب الظبي، ونحو ذلك. ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد. وهذ عندي وجه صالح، ومذهب متقبل "

والواقع أن لهذه النظرية ما يؤيدها، فالطائر المسمى في الإنكليزية cockoo إنما سمّي بالصوت الذي يحدثه، والهرة سميت " مو " في المصرية القديمة وفي اللغة الصينية نسبة إلى الصوت الذي تحدثه.

ويذهب بعض اللغويين المحدثين إلى أن هذه النظرية أدنى نظريات هذا البحث إلى الصحة وأقربها إلى المعقول.

وقد وجّه إلى هذه النظرية انتقاد أساسي من جهة أنها تعجز عن أن تفسر لنا كيف استغل مبدأ " حكاية الصوت " في آلاف الكلمات التي لا نرى الآن أية علاقة بين معناها وصوتها! فما العلاقة بين لفظة " إبريق " ومعناها؟ وما العلاقة بين لفظة " المنضدة " ومعناها؟ وما العلاقة بين لفظ " الكتاب " ومعناه؟ ليس هناك من علاقة ظاهرة!

4 - نظرية محاكاة الأصوات معانيها أو نظرية ding dong : وهذه النظرية لا تختلف عن سابقتها إذ تؤكد أن جرس الكلمة يدل على معناها، فمثلا قولهم: شد الحبل ونحوه. فالشين بما فيها من التفشي، تُشبّه بالصوت أول انجذاب الحبل قبل استحكام العقد، ثم يليه إحكام الشد والجذب وتأريب العقد فيعبر عنه بالدال التي هي أقوى من الشين لا سيما وهي مدغمة ... وقد رفضت هذه النظرية على اعتبار أن الكلمات التي يمكن أن تفسر على ذا المبدأ قليلة جدًا، فإذا كان حرف الغين يدل على الظلمة والانطباق والخفاء والحزن كما ذهب بعضهم مستشهدين بـ " غيم، غم، غبن " فكيف نفسر كلمة " غني " و " غنج " و غبطة "!

5 - نظرية الأصوات التعجبية العاطفية أو نظرية pooh-pooh : وتذهب إلى أن اللغة الإنسانية بدأت في صورة تعجبية عاطفية، صدرت عن الإنسان بصورة غريزية للتعبير عن انفعالاته من فرح أو وجع أو حزن أو استغراب ... فالساميون عامة يتحسرون أو يتلهفون فيقولون " وي ". وقد رفضت هذه النظرية للأسباب نفسها التي رفضت بها سابقتها.

6 - نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية: وملخصها أن اللغة الإنسانية بدأت بالمقاطع الطبيعية التي يتفوه بها الإنسان عفويًا، عندما يستعمل أعضاء جسمه في العمل اليدوي، كما نسمع إذا وقفنا بقرب رجل يحمل ثقلا أو حداد يعمل ... وقد رفضت هذه النظرية للأسباب نفسها التي رفضت بها سابقتها.

وهكذا نرى أن النظريات التي حاولت تفسير نشأة اللغة رفضت جميعًا، لأنها لم تفسر إلا جانبًا ضيقًا جدًا من اللغة، وعلم اللغة الحديث لا يبحث إلا فيما تؤكده المادة المحسوسة فهو يرفض الحدس والخيال، وهذا ما جعل الجمعية اللغوية الفرنسية تمنع بقانون إلقاء محاضرات في موضوع نشأة اللغة.

بتصرف من كتاب فقه اللغة العربية وخصائصها. د. إميل بديع يعقوب.

غير أنّا لا نحتاج إلى الخوض والتوهان في كل ذلك، فلدينا نص محفوظ يقول " وعلّم آدم الأسماء كلها " فالله - سبحانه وتعالى - علّم آدم اللغة سواء أكان التعليم بالتلقين أم بإلقاء علم ضروري في نفس أبينا آدم - عليه السلام - بحيث يخطر في ذهنه اسم شيء عندما يعرض عليه أو أن الله علمه المسميات؛ سواء كان هذا أو ذاك فإن الله علّم آدم اللغة.

ـ[أبو سهيل]ــــــــ[27 - 08 - 2010, 08:57 ص]ـ

أطال السيوطي رحمه الله جدا في المزهر في ذكر هذا الخلاف هل اللغة توقيف أم اصطلاح؟

لكن ما أحببت التنبيه إليه هو أن هذا البحث اعتمد فيه الكثيرون من المتكلمين (معتزلة وأشاعرة) على أصول فاسدة لا يوافقهم عليها أهل السنة بعضها واضح جلي وبعضها قد يخفى على من لم يحصن نفسه بدراسة كتب الاعتقاد فينبغي علينا الحذر عند النقل عنهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير