[ألقاب اللهجات العربية (جزء أول)]
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[25 - 06 - 2010, 12:06 ص]ـ
ألقاب اللهجات العربية
لقد درج اللغويون العرب , على تلقيب كثير من اللهجات العربية , بلقب يدور في مؤلفاتهم , ويحولون شرح تلك الألقاب , فيغمض بعضهم , ويختلفون فيما بينهم في عزو هذا اللقب أو ذاك , إلى هذه القبيلة أو تلك.
وأغلب الظن , أن العرب لم تكن تعرف هذه الألقاب للهجاتها في الجاهلية , وأن المسئول عن تلقيب كل لهجة بلقب معين , هو رجلٌ من (جَرْم) لم تذكر المصادر اسمه , وكان ذلك في مجلس من مجالس معاوية ابن أبي سفيان (رضي الله عنه). وأقدم أخبار هذا المجلس , يرويه الجاحظ؛ فيقول: وقال معاوية يوماً: من أفصح الناس؟ فقال قائل: قومٌ ارتفعوا عن لخلخانية الفرات , وتيامنوا عن كسكسة بكر , ليست لهم غمغمة قضاعة , ولا طمطمانية حمير. قال معاوية: ومن هُم؟ قال الجَرمي: قريش.
وتختلف المصادر بعد ذلك في رواية هذا الخبر المذكور , من حيث عدد القبائل الت ذكرت فيه , والألقاب التي نسبت إليها , فهذا "ابن عبد ربه " في العقد الفريد مثلاً, يروي عن الأصمعي أنه قال: قال معاوية: أي الناس أفصح؟ فقال رجلٌ من السماط: يا أمير المؤمنين , قومٌ ارتفعوا عن رُتَّة العراق , وتياسروا عن كسكسة بكر , وتيامنوا عن شنشنة تغلب , ليست لهم غمغمة قضاعة ولا طمطمانية حمير. قال من هُم؟ قال: قومك يا أمير المؤمنين قريش. قال معاوية: صدقت , فممن أنت؟ قال: من جرم , قال الأصمعي: وجرم فصحى العرب.
ومع اختلاف هذه الروايات السابقة , في عدد القبائل والألقاب , ونسبة هذه الألقاب إلى القبائل , فإنها تتفق جميعاً في أن قريشاً هي القبيلة الفصحى , وهي التي تباعدت عن الاتصاف بهذه الألقاب المذكورة , في تلك الروايات.
ولم يشذ عن هذا الإجماع إلا المُبرد في (الكامل) , الذي روى في هذا الخبر , أن جَرْماً , قبيلة الرجل المُتحدث أمام معاوية , هي الفصحى , ولم يرد في روايته ذكر لقريش مُطلقاً؛ فيقول: وحدثني من لا أحصى من أصحابنا عن الأصمعي , عن شعبة , عن قتادة , قال: قال لي معاوية يوماً: من أفصح الناس؟ فقام رجلٌ من السماط , فقال: قومٌ تباعدوا عن فراتية العراق , وتيامنوا عن كشكشة تميم , وتياسروا عن كسكسة بكر , ليس فيهم غمغمة قضاعة , ولا طمطمانية حمير , فقال له معاوية: من أولئك؟ فقال: قومي يا أمير المؤمنين , فقال له معاوية: من أنت؟ قال: أنا رجل ٌ من جرم. قال الأصمعي: وجَرْم من فصحاء الناس.
وهذه بعض ألقاب اللهجات العربية
1 - الاستنطاء: روى هذا اللقب عن لهجة (سعد بن بكر , وهذيل , والأزد , وقيس , والأنصار) , كما روى أنه (لغة أهل اليمن). وهو عبارة عن جعل العين الساكنة نوناً , إذا جاورت الطاء , هكذا تقول المصادر , غير أنها لم تمثل له إلا بمثال واحد؛ وهو: (أنطي) بدلاً من (أعطي).
ومن شواهده: القراءة القرآنية: (إنا أنطيناك الكوثر.1) , وكذلك حديث الدعاء: (لا مانع لما أنطيت , ولا منطي لما منعت.) , وحديث (اليد المنطية خير من اليد السفلى.) ,
وما كتبه صلى الله عليه وسلم الى وائل بن حجر: " وأنطوا الثبجه " يريد أعطوا. وقال الأعشى: جيادك خير جياد الملوك ,,, تصان الحلال وتنطي الشعيرا
وهذا الإبدال شائعٌ حتى اليوم في العراق , وفي لغة الأعراب بصحاري مصر.
2 - التضجُّع: يُعزى هذا اللقب إلى قبيلة: (قيس) في خبر الرجل الجرمي السابق , في رواية انفرد بها ثعلب , ورواها عنه بعض من جاء بعده من اللغويين, ولم يفسر أو يشرح المراد به واحدٌ منهم.
والتضجُّع في اللغة: مصدر (تضجَّّع في الأمر , إذا تقعَّدَ ولم يقم به). ولعل المراد بتضجع قيس على هذا: تباطؤها أو تراخيها في الكلام , وتقعُّدها فيه , كما يفهم من المعنى اللغوي لكلمة التضجُّع.
وفي اللغة: الإضجاع في الحركات , بمعنى: الإمالة فيها؛ وهو بهذا المعنى من اصطلاحات كتب النحو , والقراءَات. غير أن الإمالة لا تعزى في كتب اللغة إلى (قيس) وحدها؛ حتى يمكن تفسير (تضجع قيس) بإضجاع الحركات , وإنما يشاركها فيه تميم وأسد , وعامة أهل نجد.
¥