تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[غالب الغول: اكتبوا بلغتكم المقدسة]

ـ[غالب احمد الغول]ــــــــ[14 - 10 - 2010, 07:40 م]ـ

اكتبوا بلغتكم المقدسة

من قلم غالب أحمد الغول

تشرين1/ 2010

@@@@@@@@@@@

كم عدد المبدعين والمفكرين الذين هم في بيوتهم يريدون الكتابة للتعبير عما في نفوسهم؟ ولكن مشكلة جهلهم بالمفردات اللغوية الفصيحة الرصينة والممهورة بالنحو والصرف , جعلتهم يكتمون كل ما في صدورهم خجلاً من الظهور أمام مطرقة هيئة النحويين خاصة , وبهذا يخسر المجتمع شريحة من أبنائها لديهم طاقة التفكير والإبداع لا يستطيعون الجهر بما لديهم , لأن جيلنا هذا لا يزال يردح تحت أحكام طبقتين متخاصمتين من التيارات , وهما تيار اللغة الفصيحة , وتيار العامية , طبقة تريد التعبير عن هواجسها وأحاسيسها بالعامية شعراً ونثراً وخطابة , وطبقة تقف ضدها ومعها هراوات التسلط ضد من لم يستعمل اللغة الفصيحة , فلا يُسمح لهم ولو بصرف ما لا ينصرف , علماً أن اللغة الفصيحة تعتبر شقيقة اللهجة العامية منذ أن بدأت اللغة وإلى يومنا هذا , ولقد مرّ على العرب لهجات يمنية قديمة لا تزال شعوب العالم العربي تتعامل معها ليومنا هذا مثل (الكشكشة والكسكسة والاستنطاء والعجرفية والعجعجة والثلثة والشنشنة والغمغمة والفحفحة والطمطمانية وغيرها) ولا نريد العودة إلى الوراء لاستخدام هذه اللهجات التي لو صلحت لما تقلصت ومات أكثرها, ولو استعملناها لأصبح لدينا عشرات اللغات , بعد أن وحدها الإسلام بلغة واحدة إلا وهي لغة قريش , لأن اللغة العامية ــ التي لا تغني عن الفصحى شيئاً ــ محدودة المساحة الجغرافية ولا تتعدى حدود القطر أو العشيرة العربية التي تتكلم بهذه اللهجات , وهذا يختلف عن المساحة الجغرافية الواسعة التي تنتشر فيها اللغة العربية الفصيحة , في الوقت الذي كانت فيه اللغة العربية قبل ظهور الاسلام , لغة قوم أبدعوا في علم التنجيم الأنساب والفراسة والشعر والأدب , فلم يكن يحكمهم صرف ولا نحو , بل كانت اللغة على طبيعتها من غير تكلف , إلى أن جاء هذا الجيل الذي يريد أن يعبر عن احساسه بلغة يفهمها الناس فوراً من غير صعوبة في اللفظ أو التقيد في الأحكام اللغوية التي لم يألفها ولم يتقنها معظمهم , فالتجأ إلى العامية , على غير هدى , وألفوا المسرحيات بالعامية والفصحى معاً , ليظهروا منها الفن الإبداعي والجمالي على المستويين الفصيح والعامي.

ومن هذا المنطلق نستطيع القول:

فليصنع الكاتب ما يشاء، وبأي لغةٍ تيسرها مواهبه، ولو كانت غير عربيّة! دون أن نخشى على لغتنا الفصيحة من الضياع , لأنها ستظل أعم وأشمل استعمالاً من اللهجات المتفرقة , والمحصورة بضعفها أمام اللغة الفصيحة.

ولا نطلب من الكاتب أن يكتب شعره كما كتبه الجاهليون , من جزيل اللفظ وغريب المفردات , بل يستطيع كل كاتب أن يستعمل المفردات السهلة والمعبرة بمفردات عصره وما تيسره من معنى يقترب إلى الأذهان لتحليله الفوري بالانفعال العاطفي السريع. ليقترب الكاتب إلى التعبير الفني والإبداعي, وليس ليقترب إلى النحو والصرف بتعقيد الكلمات المعجمية , بل لتكون اللغة العامية واللغة الفصحى أداة للتعبير الفني والإبداعي والإنتاجي , وليس فقط للبناء النحوي والصرفي.

فنحن نكتب لنقوم بواجب إنساني , لكي نحاكي موروثنا وحاضرنا , ونكتب لنربح شيئاً عجزنا عن القيام به ,أو لنكسب لذة إبداع للنهوض به وكشفه , أو لنكشف حقيقة غامضة ,أو للتواصل الذي فيه المودة والرحمة بين الأهل والأقارب ,أو لنزيل عن أنفسنا كربة حلت بنفوسنا, ليزول بعض همنا. ثم إننا نكتب لنجعل الآخر يكتب مثلنا , ونبدع لأجل أن يبدع غيرنا.

وما دمنا نفكر بالعامية فلن نفلح بالكتابة بالفصحى , ولكي نفلح بالفصحى فاليكن تفكيرنا بها دائماً.

نعم لقد كان للمستشرقين اليد الطولا في خلق مشكلة تشجيع انتشار العامية على حساب الفصحى , وعلى رأسهم (ولهلم سبيتا) الألماني الذي حاول وضع قواعد للعامية المصرية , ثم جاء المستشرق الحاقد ((وليم ويلكوكس)) 1883 الذي كان أكثر حماساً لانتشار العامية وتعميدها لتحل محل الفصيحة , علماً أن اليهود نبشوا قبورهم القديمة ليكتشفوا مفردات لغتهم ليعدوا إليها الحياة من جديد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير