تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[شرح المعنى في المعجم]

ـ[كلمة]ــــــــ[29 - 06 - 2010, 05:32 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا تقرير عن شرح المعنى في المعجم من كتاب

((المعاجم اللغوية في ضوء دراسات علم اللغة الحديث))

للدكتور: محمد أحمد أبو الفرج

[شرح المعنى في المعجم]

(1) المعنى المعجمي قاصر عن المعنى عامة

1 - رأي المحدثين في ذلك

من أبرز المحدثين المهتمين في هذا الخصوص هو ما ذكره الدكتور محمد السعران في كتابه علم اللغة في صدر الباب الرابع من كتابه الذي سماه ((علم الدلالة أو دراسة المعنى))

((قد يتصور بعض المبتدئين في الدراسة اللغوية أن علم ((الدلالة)) أو ((دراسة المعنى))

قاصر على اللغات التي لم يضع لها بعد معاجم أو قواميس،فاللغات ذات المعاجم في غنى عن هذه الدراسة لأن ((المعاجم)) تمدنا بمعاني الكلام.

((وهذا تصور خاطئ لأن ((المعنى القاموسي)) أو ((المعنى المعجمي))

ليس كل شيء في إدراك معنى الكلام، وذلك كشخصية المتكلم وشخصية المخاطب،

وما بينهما من علاقات، وما يحيط بالكلام من ملابسات وظروف ذات صلة به، كالجو مثلاً،

أو حالته السياسية، الخ ...

((ومن حضور غير المتكلم وغير المخاطب، وعلاقتهم بهما.

((إن عبارة مألوفة مثل ((صباح الخير))، قد يكون لها من المعاني عشر أو أكثر إذا نظرنا من حيث السياقات التي تقع بها، أي إذا أدخل الدارس في اعتباره العناصر الاجتماعية غير اللغوية التي أشرنا إليها.

وكل هذا لا يتضح على أجلى وجه إلا فيما يسمى ((بالكلام الحي)) الذي نستطيع أن نسجل فيه نطق الكلام، والذي تتضح فيه خصائصه البارزة مثل التنغيم، الارتكاز، والذي نستطيع معه أن نحدد ما بينهما أو ما بينهم من علائق، أو ندرك الظروف الملابسة للكلام.

وخير ما يوضح لنا ارتباط الكلام بما اشرنا إليه من الشخصية والملابسات هو لغة المسرح، فنحن نراقب الأحداث وهي تتابع، وكل شخصية أمامنا واضحة المعالم محددة مما يتيسر معه أن نفهم معنى كل قول على خير وجه وأدقه، بحيث لو فصلنا لغة المسرح عن التمثيل لصعب فهمها.

قد يستقبل الخادم سيده محييا ((صباح الخير)) وينطقها بحيث نفهم من نطقه ومما سبق ذلك من أحداث أنه يشير إلى تلك الطامة الكبرى التي توشك أن تصيب سيده، أو ذلك الموقف الحرج يوشك أن يقيد به نفسه

فأين أي معنى من هذه المعاني التي أوضحناها من ((المعنى القاموسي)

إن القاموس يعرفنا أن ((صباح الخير)) هي تحية الصباح، وقد يحدد زمان استعمالها هذه التحية

إن لم يكن مستعملة في تاريخ اللغة من أوله إلى لحظة الدرس،

وقد يزيد فيحدد مكان استعمالها، إن كنت مستعملة في بيئة دون بيئة من البيئات الكلامية التي تستعمل هذه اللغة،

إن القاموس بطبيعته لا يستطيع أن يحصر جميع السياقات التي تقع فيها هذه العبارة، وكل عبارة، وكل كلمة من كلمات اللغة وعباراتها، إن فصّل فهو لا يفصّل إلا إيراد ((أنواع)) من دلالات الكلمة أو العبارة، وهكذا يظل تحديد معنى الكلام محتاجاً إلى مقاييس وأدوات أخرى غير مجرد النظر في القاموس،

إن المعنى ((الكلام)) لا يتأتي فصله بأية حال من الأحوال عن السياق الذي يعرض فيه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - المعاجم اللغوية في ضوء دراسة علم اللغة الحديث محمد أحمد أبو الفرج

ص ((94، 95، 96، 97))

2 - رأي قدماء العرب

ولقد أحس العرب القدماء بهذه الفكرة التي عرضناها في عبارة الدكتور السعران، فلجأوا إلى السياق

لكي يفسروا ما اهتموا بتفسيره من اللغة، ومعروف أن أكبر نص لغوي اهتم به العرب هو القرآن الكريم

وقد جعلوا توضيح السياق جزءاً من تفسير الآيات القرآنية، وذلك واضح من دراستهم لأسباب النزول، فالله سبحان وتعالى الذي أنزل القرآن الكريم بلسان عربي مبين أنزله، ليفهمه العرب، منجماً على حسب ما كان من الأحداث التي وقعت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلمّس

المفسرون معرفة أسباب نزوله لكي يدركوا معانيه الرفيعة.

ومن ذلك أيضاَ إيراد بعض ما كان في السياق من غير الألفاظ في الكلام عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل: وكان متكئاً فجلس.‘ وظهر وجهه الشريف الغضب وانفرجت أساريره عليه الصلاة والسلام ...

إلى آخر ما هنالك مما روي في هذا الشأن ومما يسهل العثور على كثير منه في كتب الحديث.

وقد أحس ابن جني بطبيعة اللغة في التوسع في التعبير، وبأن المعنى الحقيقي القريب (الذي تتحدث عنه المعاجم عادة) ليس كل شيء في اللغة، بل إن الكثرة في الاستعمال مخالفة لهذا المعنى الذي يسمى الحقيقي. وقد عقد باباً في الخصائص لتوضيح ذلك سماهـ ((باب فيما يؤمنه علم العربية من الاعتقادات الدينية)) وقال فيه: (إعلم أن هذا الباب من أشرف أبواب هذا الكتاب، وأن الانتفاع به ليس إلى غاية، ولا وراءه نهاية. وذلك أن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها، وحاد

عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه (واستخف حلمه) ضعفه في هذه اللغة الكريمة الشريفة ....

وأصل اعتقاد التشبيه لله تعالى بخلقه منها، وجاز عليهم بها وعنها.

ومن ذلك قوله تعالى ((يوم يكشف عن ساق)) أنها ساق ربهم _ ونعوذ بالله من ضعفة النظر،

وفساد المعتبر _ ... ولو كان لهم أنس بهذه اللغة الشريفة أو تصرف فيها، أو مزاولة لها، لحمتهم السعادة

بها، ما صار أصارتهم الشقوة إليه

بالبعد عنها وطريق ذلك في اللغة أكثر وجار على المجاز.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير